في صدمة غير مسبوقة طالب بعض اليمنيون برفع سعر صرف الريال أمام السعودي والدولار حيث تتجلى واحدة من أغرب المفارقات الاقتصادية في تاريخ اليمن الحديث: انخفاض سعر الدولار، لكن الأسعار تواصل ارتفاعها بلا هوادة، ما دفع بعض المواطنين للمطالبة برفع سعر صرف الريال مجدداً — في مشهد غير مألوف يعكس حجم المعاناة اليومية.
ففي الأسواق اليمنية، بلغ سعر الدجاجة الواحدة 8000 ريال، والبطاطس 1500 ريال للكيلوغرام، بينما تباع ثلاث حبات خبز بـ 200 ريال. رغم الانخفاض الواضح في سعر الدولار خلال الأيام الماضية، فإن الأسعار لم تهبط، بل بقيت مرتفعة على نحو يعصف بقدرة الأسر اليمنية على العيش. تقول “أم محمد”، وهي ربة منزل من صنعاء: “كنا نأمل أن تنخفض الأسعار مع انخفاض الدولار، لكن لا شيء تغير. رجّعوا لنا الصرف زي ما كان، على الأقل كنا نشتري الأشياء بسعرها الحقيقي.”
هذا الواقع المرهق جعل كثيرين يشعرون أن تحسّن العملة لم ينعكس إيجاباً على حياتهم، بل زاد من تعقيدها، لأن التجار لم يلتزموا بتخفيض الأسعار. ويشير الخبير الاقتصادي د. أحمد العزاني إلى أن “هذا التناقض يشير إلى خلل هيكلي في السوق اليمني، وضعف في الرقابة الحكومية، واستغلال واضح للأوضاع الاقتصادية والسياسية المتدهورة.”
منذ سنوات، يعيش اليمنيون أزمة اقتصادية خانقة نتيجة الحرب والانقسام السياسي، لكن المفارقة الأخيرة — تحسن الريال دون تحسن الأسعار — فجّرت غضباً واسعاً. كثير من المواطنين يرون أن الأسعار المرتفعة تُدار بتلاعب متعمد من قبل بعض التجار والمستوردين، مستغلين غياب الرقابة وضعف أجهزة الدولة.
ويصف أحد الموظفين الحكوميين، عبدالله الحضرمي، الوضع بقوله: “راتبي لا يكفي لشراء طعام أسبوع واحد. كيف نعيش؟ الدولار نزل، لكن السوق لا يعرف الرحمة.”
الأزمة لم تعد اقتصادية فقط، بل إنسانية بامتياز. ملايين اليمنيين يواجهون خطر الجوع وسوء التغذية، خصوصاً بين الأطفال وكبار السن، فيما تتصاعد الدعوات لتحرك عاجل يمنع كارثة وشيكة.
وبينما يزداد الغضب الشعبي تجاه الحكومة والتجار على حد سواء، يبقى السؤال المؤلم معلقاً في أذهان الجميع:
كم من الوقت يمكن لشعب جائع أن يصبر على وعود لا تتحقق، وأسعار لا تعرف النزول؟