أثارت توصيات صندوق النقد الدولي الأخيرة بشأن فرض ضريبة عقارية في السعودية بإيرادات متوقعة تصل إلى 45 مليار ريال سنوياً جدلاً واسعاً، فيما دافع خبراء محليون عن الحفاظ على نسبة التمويل العقاري الحالية البالغة 95% لدعم تملك المساكن.
وأشار خبراء الصندوق في تقرير مشاورات المادة الرابعة الخاص بالسعودية إلى إمكانية استحداث ضريبة عقارية تستند إلى القيمة السوقية للعقار، مع تقدير أولي بأن تبلغ إيراداتها 1% من الناتج المحلي الإجمالي. وبحسب تحليل وحدة التحليل المالي في "الاقتصادية"، فإن تطبيق مثل هذه الضريبة قد يحقق إيرادات تقديرية تصل إلى نحو 45 مليار ريال سنوياً.
يأتي هذا الاقتراح في إطار استراتيجية تنويع الإيرادات الحكومية، حيث أوضح الصندوق أن الضرائب المتكررة على الممتلكات غير المنقولة تنطوي على إمكانات إيرادية كبيرة. ولفت إلى أن المغرب تحقق نسبة قدرها 0.95% من إجمالي الناتج المحلي من هذه الضرائب، وهو ما يقارب المتوسط الأوروبي.
في المقابل، رفض الدكتور إحسان بوحليقة الخبير الاقتصادي توصيات صندوق النقد بخفض نسبة التمويل إلى القيمة والتي تبلغ حالياً 95% في السعودية. وأوضح أن هذه النسبة تعد مرتفعة مقارنة بالعديد من الدول، إلا أن لها مبررات واضحة تتمثل في دعم هدف زيادة نسبة تملك المواطنين للمساكن ضمن رؤية السعودية 2030.
وأشار بوحليقة إلى أن من بين المبادرات المهمة في هذا السياق تحمل الدولة لضريبة التصرفات العقارية البالغة 5% عن أول مليون ريال من قيمة المسكن، مما يخفف من الأعباء على المواطنين. وأكد أن بعض الدول مثل الدول الإسكندنافية تقدم نسب تمويل مشابهة أو حتى أعلى تصل إلى 100%، خاصة في الدول النامية التي تسعى لدعم شريحة الشباب.
وعلّق الخبير على توصية صندوق النقد بأنها غير مناسبة للسوق السعودي في الوقت الحالي، مبرراً ذلك بأن شريحة الشباب تمثل الأغلبية، والإقبال على المنتجات العقارية ولاسيما التملك مرتفع، وقد حققت البرامج الحكومية نتائج تفوق المستهدفات.
بدورها، ربطت وكالة "إس آند بي جلوبال" للتصنيف الائتماني رفع التصنيف الائتماني للسعودية بمدى زيادة اعتماد الاقتصاد على القطاع غير النفطي، ومدى زيادة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي وتدفقات الاستثمارات الخاصة والأجنبية. وكانت الوكالة قد رفعت تصنيف السعودية في مارس الماضي إلى "A+" مع "نظرة مستقبلية مستقرة".
وتوقعت الوكالة أن تعزز مبادرات "رؤية 2030" النمو غير النفطي في المملكة على المدى المتوسط، نتيجة لزيادة أنشطة البناء ونمو قطاع الخدمات الذي يستفيد من تزايد طلب المستهلكين وتوسع القوى العاملة. وأشارت إلى أن الناتج المحلي للمملكة سيسجل نمواً بنسبة 3.5% خلال الفترة 2025 حتى 2028.
فيما يتعلق بالقطاع المصرفي، أكدت هينا شعيب العضو المنتدب رئيسة قسم التحليلات حول السعودية لدى "إس آند بي جلوبال" أن البنوك السعودية ذات رسملة جيدة جداً، حيث سجلت العام الماضي 19.6% مقابل الحد الأدنى لكفاية رأس المال المطلوب 10.5%. ولفتت إلى أن إصدارات القروض خلال الأشهر السبعة الأولى من العام تجاوزت 22 مليار دولار.
ويشهد هذا التباين في وجهات النظر بين المؤسسات الدولية والخبراء المحليين تحدياً في التوازن بين تحقيق الاستقرار المالي ودعم الأهداف التنموية للمملكة، خاصة في قطاع الإسكان الذي يعد أحد الركائز الأساسية لرؤية 2030 وتحسين جودة الحياة للمواطنين السعوديين.