أثار ختام الدورة الثامنة عشرة للمهرجان القومي للمسرح المصري جدلاً واسعاً في الوسط الفني، بعد إعلان النتائج وسط انتقادات حادة من فنانين ونقاد بارزين حول معايير التحكيم وغياب النقاد عن لجنة اختيار الفائزين.
اختتم المهرجان فعالياته مساء الأربعاء على المسرح الكبير بدار الأوبرا، حيث أعلنت لجنة التحكيم برئاسة الفنان رياض الخولي جوائزها التي شملت 34 عرضاً مسرحياً تنافسوا تحت شعار "المهرجان في كل مصر".

وجهت أصابع الاتهام نحو تشكيل لجنة التحكيم التي خلت نهائياً من النقاد المتخصصين، حيث ضمت ثلاثة ممثلين هم منال سلامة ورياض الخولي وياسر صادق، إضافة إلى مصمم الرقصات عاطف عوض والأستاذ بأكاديمية الفنون حاتم حافظ والمؤلف الموسيقي وليد الشهاوي ومصمم الديكور محمود سامي. عتب الناقد الفني أحمد عبد الرازق أبو العلا على هذا التشكيل، معتبراً أن "قراراتها عرضة لانتقادات واسعة وتشوبها أخطاء فادحة" بسبب غياب النقاد.
تركزت الانتقادات بشكل خاص حول فوز عرض "جسم وأسنان وشعر مستعار" بثلاث جوائز رئيسية، شملت أفضل عرض وأفضل إخراج مسرحي لمازن الغرباوي وأفضل ممثلة صاعدة لنغم صالح. رأى البعض "شبهة مجاملة في الأمر بسبب وجود الفنانة منال سلامة ضمن لجنة التحكيم"، خاصة وأن سلامة ترأست لجنة التحكيم في الدورة الماضية من مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي الذي كان يترأسه الغرباوي نفسه.

استنكر الفنان شريف الدسوقي بقوة تجاهل عرض "سجن النساء" من قبل لجنة التحكيم، متسائلاً: "كيف بالله عليكم لا يأخذ عرض سجن النساء حقه في جوائز المهرجان؟ ما المقياس الذي جعلكم تتجاهلون ما يتضمنه من أداء تمثيلي متقن لدرجة لا تتكرر كثيراً في المسرح المصري، مع إخراج مدهش لشاب واعد يمتلك أدواته". وأضاف الدسوقي في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك" أن "المسرحية تعرضت لظلم بين من لجنة التحكيم".
امتدت الانتقادات لتشمل أيضاً أسماء المكرمين العشرة، التي حملت انحيازاً واضحاً للممثلين مثل محيي إسماعيل وأشرف عبد الباقي وأحمد نبيل وميمي جمال وسميرة عبد العزيز، على حساب التخصصات الأخرى في المسرح كالإخراج والكتابة والتأليف الموسيقي.

من جانبه، دافع الدكتور عبد الكريم الحجراوي، عضو اللجنة العلمية بالمهرجان والناقد المسرحي، عن قرارات التحكيم، معتبراً "الاختلاف حول تقييم الأعمال الفائزة ومدى استحقاقها الجوائز أمراً طبيعياً جداً، لأنه يخضع في النهاية لذائقة لجنة التحكيم". وأشار إلى أن "مجمل الأعمال الفائزة ومعظم المكرمين محل إجماع بين مختلف الآراء، وتتبقى هناك نسبة للجدل والانتقادات، وهذا شيء مفهوم، بل ظاهرة صحية".
شهدت قائمة الجوائز الأخرى فوز عرض "كارمن" للمخرج ناصر عبد المنعم بجوائز المركز الثاني لأفضل عرض وأفضل ممثلة دور أول لريم أحمد، بينما حصد أبطال عرض "الأخوة كارمازوف" عدة جوائز في التمثيل.

برز اسم الكاتب الشاب محمد عادل النجار كأحد نجوم هذه الدورة، حيث حصد جائزتي أفضل مؤلف صاعد عن عرض "أول من رأى الشمس" وأفضل دراماتورج عن عرض "جرارين السواقي". شارك النجار في خمسة عروض بين تأليف وإعداد، وعرض واحد مخرجاً هو "الوحش"، مما يؤكد موهبته المتنوعة في مجال الكتابة المسرحية.
في مسابقتي التأليف والنقد، فاز بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي نص "أسري الانتقام" للمؤلف حسام يوسف، بينما ذهبت جائزة المقال النقدي مناصفة بين الناقدين محمد علام ومحمود الحلواني.

أكد رئيس المهرجان الفنان محمد رياض في كلمته بحفل الختام أن "خروج هذا الحدث الكبير إلى محافظات الجيزة وأسيوط والغربية والإسكندرية وبورسعيد من خلال إقامة عدد من العروض والورشات الفنية يعد إنجازاً سبق أن نادى به كثيرون"، مشيراً إلى أن الأمر يعد بالنسبة إليه "حلماً رائعاً على المستوى الشخصي تجسد أخيراً على أرض الواقع".
رغم الجدل المثار حول النتائج، تبقى هذه الدورة من المهرجان محطة مهمة في مسيرة المسرح المصري، خاصة مع كسر مركزية العاصمة والانطلاق نحو المحافظات، وهو ما قد يساهم في نشر الثقافة المسرحية على نطاق أوسع في المستقبل.