حققت السعودية نقلة دبلوماسية استثنائية في دعم القضية الفلسطينية، عبر توقيع 3 اتفاقيات استراتيجية مع فلسطين وحشد دعم دولي واسع ضم 149 دولة، إلى جانب تقديم مساعدات إنسانية بقيمة تفوق 6 مليارات دولار عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، مما يعيد رسم خريطة التحالفات الدولية حول حل الدولتين.
أكد مجلس الوزراء السعودي، في جلسته التي ترأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في نيوم، تقديره للنتائج الإيجابية للمؤتمر الدولي رفيع المستوى الذي رأسته المملكة مع فرنسا، والذي تمخض عن الوثيقة الختامية المعروفة بـ"إعلان نيويورك".
وصف مجلس الوزراء الوثيقة بأنها "تشكل إطاراً متكاملاً وقابلاً للتنفيذ من أجل تطبيق حل الدولتين، وتحقيق الأمن والسلم الدوليين"، مجدداً الدعوة لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتأييدها. وأشاد المجلس بالإعلانات التاريخية المتوالية لعدد من الدول عن عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
تحقق هذا الإنجاز الدبلوماسي بدعم 149 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف بالدولة فلسطينية، فيما أعلنت دول مؤثرة بينها فرنسا وبريطانيا وكندا والبرتغال ومالطا اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.

على الصعيد الإنساني، واصل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تنفيذ مشاريعه الاستراتيجية التي تجاوزت الدعم التقليدي إلى بناء القدرات المستدامة. نفذ المركز منذ تأسيسه عام 2015 أكثر من 2600 مشروع في أكثر من 90 دولة بكلفة إجمالية تفوق 6 مليارات دولار، مما يجعله أحد أكبر المؤسسات الإنسانية عالمياً.
شملت المشاريع الحديثة للمركز توقيع اتفاقية طوارئ لمكافحة الكوليرا في اليمن تستهدف أكثر من 1.1 مليون شخص، وتوزيع 700 سلة غذائية في السودان استفاد منها 7 آلاف نازح، إضافة إلى برنامج التمكين الاقتصادي في باكستان الذي يخدم 2500 أسرة بشكل مباشر و88 ألف مستفيد غير مباشر.

في محافظة حضرموت، استجابت فرق المركز لنداءات المتضررين من الفيضانات والرياح العاتية بتوزيع خيام وحقائب إيوائية استفاد منها أكثر من 120 فرداً، بينما اختتم في عدن مشروعاً تطوعياً لتقديم 5 دورات تدريبية نوعية للكوادر الإدارية استفاد منها 167 متدرباً في مجالات إدارة الموارد البشرية والتخطيط الاستراتيجي.

أكد وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني الدكتور إسطفان سلامة أن مذكرات التفاهم الثلاث التي وقعت بين السعودية وفلسطين على هامش مؤتمر نيويورك "تشكل مرحلة جديدة من الدعم السعودي"، مشيراً إلى تحضيرات لتوقيع مذكرات تفاهم إضافية في قطاعات الطاقة والمياه والصحة والتنمية الاجتماعية.
تركز الاتفاقيات الموقعة على تنمية القدرات البشرية للموظفين الفلسطينيين، وتطوير المناهج التعليمية، والتحول الرقمي لتسهيل الخدمات الحكومية للمواطن الفلسطيني. ووصف سلامة هذه الخطوات بأنها "دعم يلمسه المواطن الفلسطيني بشكل مباشر"، معتبراً أن الدعم السعودي تجاوز الإطار التقليدي ليصبح "علاقات استراتيجية في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والتنموية".

أشاد الوزير الفلسطيني بـ"الضغوط السعودية" التي أدت إلى تحول في مواقف دول كانت تصنف لعقود طويلة إلى جانب إسرائيل، مما ترجم باعترافات واضحة بالدولة الفلسطينية. وكشف عن خطط لزيارة السعودية منتصف سبتمبر المقبل للتباحث مع وزير الاستثمار خالد الفالح حول فتح آفاق تعاون جديدة، خاصة في الاستثمارات المتعلقة بالقطاع الخاص.
أدان مجلس الوزراء السعودي بأشد العبارات "الممارسات الاستفزازية المتكررة من مسؤولي حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى"، مطالباً المجتمع الدولي بوقف هذه الممارسات المخالفة للقوانين والأعراف الدولية.

تابع المجلس جهود المملكة في دعمها الشامل للشعب الفلسطيني، خاصة على الصعيد الإنساني، من خلال مواصلة إرسال المساعدات الإيوائية والطبية والغذائية لقطاع غزة ضمن الجسر الجوي والبحري السعودي، مؤكداً استمرار الدعم حتى تحقيق أهداف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
يأتي هذا الدعم السعودي المتعدد الأبعاد في إطار استراتيجية شاملة تجمع بين الدبلوماسية الفعالة والعمل الإنساني المستدام، مما يرسخ مكانة المملكة كقوة إقليمية مؤثرة في القضايا الإنسانية والسياسية، ويعزز من فرص تحقيق حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية من خلال إقامة دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في أمن وسلام.