تواجه عدن والمناطق الخاضعة للحكومة الشرعية اليمنية عاصفة نقدية كبرى مع استمرار الأزمة الاقتصادية المتفاقمة نتيجة استمرار انهيار قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية.
ويعيش المواطنون اليمنيون حالة من القلق والترقب، حيث يشهدون تراجعاً متسارعاً للعملة المحلية يهدد بتقويض قدرتهم الشرائية وزيادة معاناتهم المعيشية اليومية.
هذا الانهيار المتواصل للريال بات يلقي بظلاله على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية، من أسعار السلع الأساسية إلى تعاملات البيوت التجارية التي أصبحت في حالة ارتباك غير مسبوقة.
التدهور المستمر للعملة اليمنية:
تشير المعلومات الواردة من مصادر مصرفية محلية إلى أن سعر صرف الدولار الأمريكي قد بلغ مستويات قياسية خلال تداولات يوم الثلاثاء 6 مايو 2025، حيث وصل إلى 2563 ريالاً للبيع و2537 ريالاً للشراء.
هذا المستوى المرتفع يعكس حالة الضعف الشديد الذي تعاني منه العملة المحلية، والذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم في ظل غياب استراتيجيات فعالة للتدخل.
وفي سياق متصل، أظهرت البيانات المصرفية تراجعاً ملموساً للريال اليمني أمام الريال السعودي، حيث سجلت أسعار الصرف 672 ريالاً للبيع و667 ريالاً للشراء.
ويبدو أن هذا التدهور يأتي وسط صمت حكومي وغياب لأي إجراءات عاجلة من شأنها لجم هذا الانهيار، الأمر الذي يفاقم من حالة عدم اليقين التي يعيشها القطاع الاقتصادي والتجاري في المناطق المحررة.
اختلافات في استقرار العملة بين مناطق اليمن:
على النقيض من المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، تظهر البيانات استقراراً نسبياً للعملة في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين، التي ما زالت تفرض تداول أوارق العملة القديمة، التالف معظمها.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فقد سجل سعر صرف الدولار في صنعاء 535 ريالاً للشراء و538 ريالاً للبيع، فيما بلغ سعر الريال السعودي 140 ريالاً للشراء و140.40 ريالاً للبيع.
هذا التباين الكبير في أسعار الصرف بين مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ومناطق سيطرة الحوثيين يعمق الانقسام المالي والمصرفي في البلاد، مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي العام ويخلق تحديات إضافية أمام أي جهود محتملة لتوحيد السياسات النقدية.
التداعيات المحتملة على الأسواق المحلية:
يحذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار انهيار العملة المحلية سيؤدي حتماً إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع والخدمات الأساسية، خاصة المستوردة منها.
وتتوقع مصادر تجارية أن تشهد الأسواق المحلية في عدن والمناطق المحررة اضطرابات كبيرة في حركة البيع والشراء، مع ميل التجار إلى تخزين البضائع أو تعليق المبيعات في انتظار استقرار سعر الصرف.
كما أن البيوت التجارية والشركات المستوردة باتت في حالة ارتباك شديد، إذ تجد صعوبة في تحديد أسعار منتجاتها وسط هذا التذبذب المستمر، مما يهدد بشلل جزئي للنشاط التجاري واحتمالية نقص في المعروض من السلع الأساسية في الأسواق.
ويبدو أن الأزمة الاقتصادية في المناطق المحررة تتجه نحو منعطف أكثر خطورة ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة وحاسمة من قبل الحكومة والبنك المركزي.
ومع استمرار الانقسام المالي والمصرفي الحاصل بين صنعاء وعدن، تبقى آفاق الحل مرهونة بتوحيد الجهود وتنسيق السياسات النقدية، وإلا فإن المواطن اليمني سيظل يدفع ثمن هذا التدهور بمزيد من المعاناة وتآكل قدرته على تلبية احتياجاته الأساسية.