الرئيسية / شؤون محلية / نهاية عصر سماسرة الحج.. إجراءات سعودية صارمة بوقف التأشيرات.
نهاية عصر سماسرة الحج.. إجراءات سعودية صارمة بوقف التأشيرات.

نهاية عصر سماسرة الحج.. إجراءات سعودية صارمة بوقف التأشيرات.

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 18 أبريل 2025 الساعة 10:40 صباحاً

أقدمت المملكة العربية السعودية على إجراءات استباقية لمواجهة ما بات يعرف بظاهرة "سماسرة الحج" قبيل موسم الحج لعام 2025. هذه الإجراءات التي شملت وقف إصدار أربعة أنواع من التأشيرات لمواطني 14 دولة، من بينها الأردن ومصر والعراق واليمن، تأتي بعد المأساة التي وقعت العام الماضي وأدت إلى وفاة 99 حاجاً أردنياً دخلوا المملكة بطرق غير نظامية. القرار السعودي الذي وصفته وزارة الأوقاف الأردنية بـ"الصائب" يهدف إلى تنظيم موسم الحج ومنع المتلاعبين من التدخل في شؤون ضيوف الرحمن، بما يضمن أداء مناسك الحج بأمن ويسر وطمأنينة.

تدابير السعودية لحماية موسم الحج

على مشارف موسم الحج المقبل، أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن حزمة من الترتيبات والإجراءات الصارمة لضمان سلامة حجاج بيت الله الحرام. من أبرز هذه الإجراءات، توقيف إصدار أربعة أنواع من التأشيرات بشكل مؤقت لمواطني 14 دولة، وهي تأشيرة العمرة والعمل وزيارة العائلة، مع الإبقاء على التأشيرات السياحية. كما حددت السلطات السعودية يوم أمس الأحد كآخر موعد لدخول المعتمرين إلى المملكة، ويوم الثلاثاء 1 من ذي القعدة 1446هـ الموافق 29 نيسان (إبريل) 2025م كآخر موعد لمغادرتهم البلاد. ووفقاً لمصدر مطلع في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، فإن هذه الإجراءات تستهدف بالأساس منع المتلاعبين والسماسرة من التدخل في شؤون الحجاج وزيارة البيت الحرام.

تتضمن الإجراءات السعودية أيضاً عدم السماح بدخول مدينة مكة المكرمة أو البقاء فيها لحاملي أنواع التأشيرات كافة، باستثناء الحاصلين على تأشيرة الحج، وذلك اعتباراً من 29 نيسان الحالي. وشددت السلطات السعودية على ضرورة الالتزام بالتعليمات المنظمة لموسم حج هذا العام، والتعاون مع الجهات المعنية لتحقيق أمن وسلامة ضيوف الرحمن، محذرة من أن مخالفة هذه التعليمات تعرض مرتكبيها للعقوبات النظامية. وقد أشاد المصدر الأردني بهذه الإجراءات معتبراً أنها ستعطي صورة مشرفة لعمل المكاتب السياحية لأنها ستعمل ضمن القوانين والأنظمة المحددة لإنجاح هذا الموسم المبارك، ولن تترك أي فرصة للسماسرة لإعطاء صورة سلبية لموسم الحج الذي سيخضع هذا العام لرقابة وعملية تنظيمية مشددة من قبل الحكومتين الأردنية والسعودية.

تداعيات القرار على عمليات الحج السابقة

جاء القرار السعودي بوقف بعض أنواع التأشيرات بعد تجارب مريرة في مواسم الحج السابقة، وتحديداً بعد مأساة العام الماضي التي راح ضحيتها 99 حاجاً أردنياً ممن حاولوا أداء فريضة الحج خارج البعثة الرسمية الأردنية. وبحسب المصدر في وزارة الأوقاف الأردنية، فإن القرار جاء في أعقاب ما حصل خلال موسم الحج العام الماضي، وما تعرض له الحجاج غير النظاميين الذين توفاهم الله، الأمر الذي دفع السلطات السعودية إلى إعادة النظر في عملية إصدار تأشيرات العمرة والعمل والزيارات العائلية قبل موسم الحج للموسم الحالي.

وفي السنوات الأخيرة، لوحظ أن العديد من الزائرين تجاوزوا مدة تأشيراتهم للانضمام إلى الحج دون تصاريح رسمية، مما ساهم في زيادة الازدحام وأثار مخاوف جدية تتعلق بسلامة الحجاج. كانت هذه الممارسات سبباً في خلق أزمات إنسانية وتنظيمية، جعلت الحكومتين الأردنية والسعودية تتخذان إجراءات حازمة للحد من هذه الظاهرة. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن القرار السعودي الأخير يستهدف تحديداً الحد من عمليات التلاعب التي يقوم بها السماسرة، والتي أصبحت في السنوات الأخيرة أكثر تنظيماً وتعقيداً، حيث يستغل بعض الأشخاص وبعض الشركات الخاصة رغبة المسلمين في أداء فريضة الحج للتربح غير المشروع.

التحقيقات والمساءلة الجارية

ما تزال التحقيقات جارية في قضية سفر الأردنيين الذين حاولوا أداء مناسك الحج خارج البعثة الرسمية العام الماضي، والتي أسفرت عن وفاة 99 حاجاً. وقد كشفت النيابة العامة في الأردن، خلال تحقيقاتها، عن ارتفاع عدد المشتكى عليهم في هذه القضية إلى 54 شخصاً، مع توقيف 27 منهم في مراكز الإصلاح والتأهيل. وفي إطار المساءلة القانونية، قامت النيابة العامة بمنع سفر 27 من المشتكى عليهم، واستمعت إلى 35 شاهداً، وقررت إغلاق 3 شركات وفقاً لقانون منع الاتجار بالبشر، إضافة إلى الحجز على الأموال والمتحصلات الجرمية التي كانت ثمرة هذه الأعمال غير القانونية. وأكدت النيابة العامة أن هناك عدداً من الشركات ما تزال قيد التحري والتدقيق، وأنها ستعمل بشكل مكثف لجمع الأدلة للوصول إلى العدالة وإعادة الحق لأصحابه.

وتشير نتائج التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة الأردنية إلى أن بعض الأشخاص من مالكي شركات خاصة مرتبطة بعمليات نقل المسافرين ومالكي شركات حج وعمرة أو عاملين في هذا المجال قاموا باستقطاب ونقل وإيواء العديد من الأردنيين لزيارة مكة المكرمة خلال موسم الحج دون وجود تصاريح لأداء المناسك وخارج إطار البعثة الرسمية. وقد تم ذلك في بداية الشهر الخامس من عام 2024، أي قبل موسم الحج بشهر كامل، وبتصاريح زيارة لا تخولهم الحج. وقد أسندت النيابة العامة جناية الاتجار بالبشر وفقاً لأحكام المادة 9/ج/1 و2 و8 من قانون منع الاتجار بالبشر، وجنحة الاحتيال وفقاً لأحكام المادة (417) من قانون العقوبات بحق 28 مشتكى عليه. وأوضحت أن هذه الشركات والأشخاص القائمين عليها كانوا على علم تام بأن التصاريح التي تم استصدارها للحجاج لا تخولهم أداء مناسك الحج، وذلك مقابل مبالغ مالية تقاضوها عن كل شخص قاموا بإرساله للحج بهذه الطريقة.

تمثل الإجراءات السعودية الأخيرة خطوة استباقية هامة نحو تنظيم أفضل لموسم الحج المقبل وحماية أرواح الحجاج. القرار بوقف إصدار بعض أنواع التأشيرات مؤقتاً جاء استجابة لتجارب مؤلمة سابقة، وهو ما يعكس التزاماً واضحاً من الحكومة السعودية بضمان سلامة ضيوف الرحمن. وبالتعاون مع الحكومة الأردنية، التي تواصل تحقيقاتها ومساءلة المتورطين في مأساة العام الماضي، يبدو أن هناك إصراراً على وضع حد نهائي لظاهرة سماسرة الحج. وبينما يستعد العالم الإسلامي لموسم الحج المقبل، تبقى العين على مدى فعالية هذه الإجراءات في تحقيق موسم حج آمن ومنظم، يمكن الحجاج من أداء مناسكهم في أجواء من الأمن والطمأنينة، بعيداً عن المتلاعبين والمستغلين

اخر تحديث: 20 أبريل 2025 الساعة 02:45 مساءاً
شارك الخبر