الحوثي يعرف جيداً حوار مأرب والجوف معه، لذلك لا يزال يشعر بأنه لا شيء أمام تلك المحافظتين اللتين أصبحتا تمثلان الغالبية العظمى في الشعب اليمني الرافض للتواجد الحوثي المليشياوي في اليمن.
في العام 2011م، تسلل الحوثي إلى معظم محافظات البلاد متقمصاً ثياب شباب الثورة الشعبية السلمية لكنه يخفي في مؤخرة رأسه أفكاراً مسمومة ويسعى من خلال المشاركة في الساحات إلى الانخراط في المجتمع لنشر سمومه في المحافظات واستقطاب أنصار يسهلون له مهمة السيطرة والتوسع من خلال إسقاط المدن من الداخل.
حاول دخول الجوف ومأرب بعدة صفات ومسميات مرة باسم شباب الثورة ومرة باسم تكتل سياسي وأخرى باسم ابناء المنطقة ومطالب حقوق ومظلومية؛ ولكن دون جدوى.. خابت وأخفقت كل مساعيه ومحاولاته، وكان أبناء مأرب والجوف له بالمرصاد في الساحات والمطارح.
ففي ساحة التغيير بمأرب رفض أبناء المحافظة السماح لأي مكون نشر أفكار طائفية أو سياسية من شأنها شق الصف وتمزيق نسيج المجتمع، وفي مطارح مأرب والجوف في نخلا والسحيل ومجزر ومفرق الجوف، وقف الحوثي عاجزاً مكسوراً أمام صحوة وصلابة أبناء المحافظتين الذين رفضوا السماح حتى لأتباعه من ابناء تلك المحافظتين من الدخول وممارسة أي أنشطة طائفية.
ففي الوقت الذي كان الحوثي يشارك الثوار في الساحات في العام 2011، كان أبناء مأرب والجوف يصلونه النار والحديد في وادي سدبا بمديرية المتون غرب محافظة الجوف، وشعارهم:
الوعد بير سدبا ومن قصر فلا يشرب العذبا
خبروا المتعدي ما نحن نفوسنا عند واجبها
ولم يتمكن الحوثي من التقدم شبراً واحداً ومني بخسائر فادحة في الأرواح والعتاد خلال معارك شرسة لم تحظ بأي تغطية إعلامية ولا مشاركة عسكرية.
وفي الوقت الذي كان الحوثي يشارك الأحزاب السياسية الحوار الوطني في موفمبيك خلال العام 2013م، كان أبناء مأرب والجوف يخوضون ضده أشرس المواجهات في الغيل والصفراء جنوب الجوف ومجزر شمال مأرب، وشعارهم :
لا حوار مع الحوثي حتى يلقي السلاح ويتحول إلى حزب سياسي وليس مليشيا مسلحة وطائفة دينية متطرفة تمزق المجتمع.
وفي الوقت الذي شرعن البعض جرائم الحوثي وانتهاكاته بصعدة وعدوانه على عمران واسقاطه لصنعاء سبتمبر 2014م، واحتلاله لمؤسسات الدولة ودخلوا معه في حكومة شراكة، احتشد أبناء مأرب والجوف في مطارح نخلا والسحيل شمال مأرب وشكلوا تحالف قبائل إقليم سبأ وأعلنوا رفضهم القاطع لانقلاب لمليشيا الحوثي على الدولة في صنعاء، ودعوا إلى النفير العام والاستعداد التام للتصدي لانقلاب الحوثي ومواجهته في كل مكان.
وصنع أبناء مأرب والجوف بيئة ملائمة لكل الأبطال من أبناء اليمن من مختلف المحافظات الرافضين للانقلاب الحوثي، وتوافدوا إلى المطارح والمعسكرات والتحقوا بصفوف القبائل والجيش، وهنا كانت أسوار ومدافع الجمهورية اليمنية الحصينة التي كسرت الإمامة وستلاحقها في كل مكان ولن تترك لها شبراً في اليمن.
الحوثي يعرف جيداً ان أبناء مأرب والجوف لم يدخلوا معه في حوار في الوقت الذي كان الكثير في حوار معه وشراكة، أما اليوم وقد أصبح الكثير والكثير من قبائل وشعب وأحزاب في صف مأرب والجوف، لن يجد من يصدقه مهما قال وزعم.
أما حديثه عن التقدم في مأرب والجوف، فمن ضرب الخيال، فهنا مجتمع رافض له كل الرفض، وهنا جيش عينه على صنعاء، وشعب مهجر يتطلع إلى العودة.
الحوثي على الرغم من انتصاراته التي حققها في نهم، إلا انه لا يزال يشعر بالنقص والضعف أمام مأرب والجوف، وسيموت بغيضه، وسيظل صغيراً أمام عظمة وشموخ شعب قال عنه الله في كتابه العظيم ((ألو قوة وألو بأس شديد)).