2015/09/11
الحياة تعود لشبوة: ترتيبات أمنية وخدمية وبيحان تنتظر الحسم
تحاول المحافظات الجنوبية التي خرجت منها مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، قبل أسابيع، استعادة حياتها بعد أشهر طويلة من المعارك على الرغم من التحديات التي تفرض نفسها والتي تتراوح بين أمنية وخدمية. وبينما تم إجبار المليشيات وقوات الرئيس المخلوع على الخروج من عدن وعدد من المحافظات الجنوبية بعد معارك قاسية، كانت محافظة شبوة، إلى حد ما، تشكل "استثناء"، إذ انسحب الحوثيون وقوات صالح، بشكل مفاجئ، من المحافظة في الخامس عشر من شهر أغسطس/آب الماضي بعد أشهر من سيطرتهم عليها، وذلك بعد أيام من سيطرة "المقاومة" على محافظة أبين المجاورة، لتحاول المحافظة منذ ذلك الحين استعادة حياتها.
 
أمنياً، بادر الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، بتعيين مؤسس الحراك الجنوبي ناصر النوبة قائداً لمحور عتق واللواء 30 مشاة. وتشكل مدينة عتق مركز محافظة شبوة. كذلك عين هادي، العميد الركن مهدي أحمد علي الشكلية قائداً للواء الثاني مشاة جبلي في منطقة بلحاف الحيوية التي تقع على ساحل البحر العربي. كما تم الإعلان عن فتح باب التسجيل في قوات الجيش الوطني والأمن العام أمام مسلحي "المقاومة الشعبية" الذين ساهموا في التصدي للمليشيات. وشهدت الأيام الأولى للتسجيل توافد مئات الشباب للانخراط في الجيش الوطني. وبحسب مصادر مسؤولة، فإنه من المقرر أن يتم قبول ألفي فرد في الأمن العام و5 آلاف فرد في قوات الجيش.
 
في موازاة ذلك، شكلت السلطة المحلية "وحدة التدخل السريع"، والتي تهدف إلى إحباط أي أعمال تخريبية، فيما تتولى "المقاومة الشعبية" تأمين مداخل مدينة عتق مركز المحافظة. أما القوات الرسمية التي جرى تدريبها في منطقة العبر في محافظة حضرموت فلم تنتشر في شبوة بعد، إذ لم يمدها التحالف العربي بالسلاح والتجهيزات اللازمة بعد.
 
ومن المرجح أن تلجأ هذه القوة إلى دحر الحوثيين من منطقة بيحان على حدود المحافظة مع البيضاء قبل أن تنتشر في مدينة عتق، بحسب ما تشير مصادر حكومية تحدثت إلى "العربي الجديد".
 
وبالتزامن، تسعى السلطة المحلية في المحافظة لترميم ما خلفته مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع من دمار طال عدداً كبيراً من المؤسسات والمنشآت الحكومية والخاصة. وساهمت عودة محافظ شبوة، عبدالله النسي، من الرياض بعد ساعات من انسحاب الحوثيين من المحافظة، في إعادة ترتيب أوضاع السلطة المحلية. وأصدر المحافظ، فور عودته، قراراً بإلغاء كافة التعيينات التي أصدرتها المليشيات أثناء سيطرتها على مركز المحافظة عتق.
 
كما عاودت الإدارات الحكومية نشاطها بشكل كبير خلال الأيام القليلة الماضية، في حين تقرر تأجيل امتحانات الشهادة العامة للمرحلة الإعدادية والثانوية وبدء العام الدراسي الجديد إلى ما بعد إجازة عيد الأضحى (أواخر الشهر الحالي) نتيجة للأضرار التي لحقت ببعض المدارس وتحفظ الحوثيين على بعض الاحتياجات الضرورية لبدء العام الدراسي.
 
وفي السياق، يقول محافظ شبوة، الشيخ عبدالله بن فريش النسي، إن "الهاجس الأمني" وإعادة الأمن والاستقرار أبرز التحديات التي تواجه السلطات المحلية. ويوضح في حديث لـ"لعربي الجديد" أن المحافظة تعتمد حالياً، بشكل كبير، على أفراد "المقاومة الشعبية" في حماية الممتلكات العامة والمنشآت الحكومية حتى استعادة وتشكيل المؤسسات الأمنية بشكل كامل.
 
وبخصوص "مجلس المقاومة" الذي أعلن أخيراً عن تشكيله في المحافظة، يشير محافظ شبوة إلى أنّ المجلس المذكور بحاجة لمزيد من الوقت ليستوعب تشكيلات المقاومة في جميع مديريات شبوة، معرباً عن أمله في أن يسهم المجلس في تعزيز الأمن والاستقرار في المحافظة.
 
وعن أسباب عدم تدخل قوات التحالف العربي لبسط الأمن في المحافظة وتحرير منطقة بيحان التي أطلقت منها مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع صاروخ توشكا الذي تسبب في مقتل 60 جندياً من قوات التحالف (45 إماراتياً، 10 سعوديين و5 بحرينيين) فضلاً عن عدد غير محسوم من قوات الجيش اليمني الموالي للشرعية في منطقة صافر في محافظة مأرب، يقول النسي إنهم على تواصل مع التحالف متوقعاً تدخله خلال الفترة المقبلة. وهو ما بدأت أولى بوادره بعد التغيير الذي طرأ على الخطة العسكرية للجيش الموالي للشرعية وقوات التحالف بعد حادثة صافر، إذ بدأ التحالف بشن غارات مكثّفة على منطقة بيحان.
 
ويشكّل بقاء منطقة بيحان، الواقعة شمال غرب المحافظة، بيد الحوثيين لغزاً محيراًَ لمتابعي الشأن اليمني. وبالرغم من تحذيرات خبراء عسكريين من خطورة بقائها بيد المليشيات إلا أن التحالف العربي لم يضع المنطقة ضمن أولوياته العسكرية إلا بعد "حادثة صافر". وعلى غرار بيحان، لا تزال منطقة كرش في محافظة لحج بيد الحوثيين ويشكل استمرار تواجد المليشيات فيها تهديداً للمحافظة وأمنها.
 
وتتباين تفسيرات مراقبين إزاء الموقف الذي حكم قرار القوات العسكرية الموالية للشرعية والتحالف العربي لعدم الحسم في هاتين المنطقتين. وفي حين يقول سياسيون إن التحالف يبدي تخوفاً من أن تعيد قوى جنوبية منادية بالانفصال الحدود السابقة بين شطري اليمن قبل الوحدة، يرى آخرون أن أمراً كهذا مستبعد ويشكل خطراً على التحالف "إذا حاول التقدم نحو محافظتي صنعاء وتعز وبقي ظهره مكشوفاً للحوثيين من هاتين المنطقتين". وفي السياق، يقول المحلل السياسي ياسين التميمي، لـ"العربي الجديد"، إنّ عملية تحرير شبوة اكتنفها الكثير من الغموض من حيث المبدأ، فالمليشيات انسحبت منها بعد أن فشلت في الصمود في مساحة واسعة في ظل افتقادها لمظلة جوية، فتجمعت في بيحان حيث تتوفر حاضنة ومصادر إمداد قريبة بالمؤن والسلاح. ويضيف التميمي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن التحالف اعتمد على ما يبدو على استراتيجية تشتيت الخصم وإنهاكه وإشغاله في أكثر من جبهة من أجل التفرغ للمعركة الأساسية وهي تحرير واستعادة العاصمة صنعاء. ووفقاً للتميمي فإن هذا هو التفسير وراء تأخر تحرير محافظة تعز وعدم التعامل عسكرياً مع مجاميع عسكرية للانقلابيين في كرش بمحافظة لحج وفي بقاء المليشيات وقوات الرئيس المخلوع صالح في بيحان.
 
ويحذر التميمي من أنه لا يوجد ما يبرر عدم تكثيف الضربات الجوية على مليشيات الحوثيين وتشتيتها لضمان عدم قدرتها على التمركز والتأثير العسكري.
تم طباعة هذه الخبر من موقع يمن برس https://yemen-press.net - رابط الخبر: https://yemen-press.net/news54248.html