2011/06/07
سيناريوهات مختلفة وغموض يلفّ تفاصيل محاولة اغتيال الرئيس صالح
تضاربت الآراء واختلفت الروايات حول الهجوم الذي استهدف مسجد "النهدين" داخل قصر الرئاسة، لاغتيال الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، فمازال يحوم الغموض حول المكان الذي تواجد فيه الرئيس صالح أثناء محاولة اغتياله، كما أن حالته الصحية مازالت قيد التكهنات. وخصص برنامج "بانوراما" الذي بثته قناة "العربية"، السبت 4-6-2011، حلقة لمحاولة كشف الغموض المرتبط بحادثة اغتيال الرئيس صالح وما نتج عنها. ونفى مسؤول الإعلام في حزب المؤتمر الشعبي الحاكم، طارق الشامي لـ"العربية"، ما أشار إليه المتحدث باسم البيت الأبيض من أن صالح لم يصب أثناء أدائه فريضة الصلاة، بل حدث ذلك أثناء خروجه من دار الرئاسة هو وفريقه الكامل، مؤكداً أن التلفزيون اليمني كان قد عرض صوراً للمسجد الذي تم قصفه، كما أن الرواية التي تؤكد وجود صالح في المسجد جاءت من شهود عيان، مشيراً إلى أنه كحال الآلاف من اليمنيين، كان متواجداً في ميدان السبعين وشارع الستين، الذي ادّعى البعض أن الرئيس استُهدف فيه، ولم ير أو يسمع أي شيء يشير إلى قصف الرئيس هناك. وصرّح الشامي أن "اللقاء المشترك"، و"لجنة الحوار الوطني" وأمينها العام حميد الأحمر، و"مجلس التضامن الوطني"، برئاسة حسين الأحمر، هم أساس الاغتيال، فهم من راهنوا على العنف وأرادوا إشعال الحروب، إلا أنهم فشلوا في ذلك لأنهم وجدوا نظاماً متماسكاً، وليس الأمر كما حدث في مصر أو تونس، فصالح ليس مبارك أو زين العابدين، فله شعبية كبيرة وحضور قوي". ومن لندن، وجّه السياسي اليمني المعارض في الخارج، السفير الدكتور محمد عبدالمجيد قباطي، حديثه لـ"العربية"، قائلاً: "نحن لم نفهم حتى الآن ما حدث، فالرئيس صالح قد تربى على عقلية تآمرية، وله القدرة على حبك الدسائس، قبل أن يصبح رئيساً، فساهم في أحداث يناير/كانون الثاني، عام 1986، وهو الأمر الذي أكده اللواء علي محسن الأحمر منذ أسبوعين، وغيرها من المواقف، كما أن الصواريخ التي استُخدمت لضرب المسجد الصغير داخل قصر الرئاسة هي صواريخ متطورة جداً ولا يملكها سوى قوات مكافحة الإرهاب التابعة لرئاسة الجمهورية، وكان من المفترض أن يلتقي صالح كلاً من حميد، وحمير، وصالح، أبناء عبدالله بن حسين الأحمر، في المسجد، لمناقشة المصالحة بينهم، إلا أنه تم قصف بيت كل من علي محسن وحميد الأحمر قبل ذلك مباشرة، ما أدى لمقتل 20 شخصاً على الأقل من كل بيت، وانطلقت حينها الصواريخ لضرب المكان الذي تجمع فيه الناس للصلاة، فكان هدف صالح هنا أن يقتل أعداءه وأصدقاءه ويخرج هو مبتعداً، حينها أراد كل من الأحمر وعلي محسن الانتقام، فأطلقوا الصواريخ على الموكب، وحينها أصيب صالح وقتل مجموعة من الحراس المرافقين له". وتوقع قباطي أن الرئيس اليمني كان قد عُولج في أحد البوارج الحربية في خليج عدن، إما تكون روسية أو أمريكية، أو غيرها، ونقل بعدها للسعودية. أخبار متضاربة ومن جهته، صرّح الخبير الأمني والاستراتيجي، الدكتور علي التواتي، خلال حديثه مع "العربية" من جدة، قائلاً: "لن نستطيع التنبؤ بما حدث للرئيس صالح ما لم يصدر بيان رسمي بهذا الشأن، فهناك بعض المصادر التي تقول إنه تعرض لعدة حروق في الوجه والصدر، وأخرى تؤكد استقرار، على الأقل، شظية واحدة أسفل قلبه، لكن يبقى التأكد من هذه الأخبار المتضاربة، غير وارد ما لم يصدر بيان رسمي من الرئاسة". وأكد التواتي اعتقاده أن عودة الرئيس علي عبدالله صالح إلى اليمن باتت غير ممكنة، قائلا: "مع احترامي للرئيس وللحزب الحاكم، إلا أنهم كسروا جميع الجسور التي تربطهم بالركائز الأساسية في اليمن، فالبلاد بحاجة الآن إلى مبادرة خليجية، وسعودية على وجه الخصوص، لجمع قبائل اليمن، والحراك اليمني الجنوبي، وكافة القيادات السياسية والثقافية، وغيرها، لإنشاء حكومة وطنية غير حزبية، بالإضافة إلى أن الجيش اليمني غير محترف، وكتائبه تقوم على أسس قبلية، وليست على أسس مهنية وأسس سلالم الرواتب، فأنا أعتقد أن عهد صالح قد انتهى في اليمن". وأكد المحلل السياسي عمر عبدالعزيز خلال وجوده في استوديو "بانوراما" أن ما حصل في اليمن يمثّل مرحلة جديدة من التاريخ السياسي اليمني، فهيئة الأركان الأساسية، التابعة للرئيس، مصابة وتحت العلاج، لذا، يجب على اليمنيين استغلال الفرصة، ليس تشفّياً في أحد، ولكن للبحث عن شكل من أشكال التوافق السياسي في هذه اللحظة بالتحديد، ويستطيع الجميع الآن أن يتكاتفوا ليملأوا هذا الفراغ الدستوري، وهو فراغ مؤكد، ذلك أن إصابات الرئيس صالح تحتاج إلى علاج قد يمتد لفترة معينة، لذا لابد من أن يكون هناك من يسد هذا الفراغ، سواء كان أحد المقربين من الرئيس، كنائبه، أو غيره من الأطياف السياسية المختلفة، التي تمثل شرائح المجتمع اليمني، فلابد من الخروج من عنق الزجاجة باتجاه إيقاف الحرب. السلطة تتحمل المسؤولية وأشار عبدالعزيز إلى أن ما تفعله الحكومة اليمنية الآن ما هو إلا فرض حالة من التعتيم على الشعب، فلابد أن يكون هناك تصريح رسمي يتناول ما حدث، وحالة الرئيس الصحية، وأرى أن السلطة يجب أن تتحمل المسؤولية، وأن تستوعب ضرورة التغيير. وأضاف: "نحن أمام حالة وطنية متماسكة، فالجميع يريد الحصول على يمن آمن، ولا أر أي إمكانية لقيام حرب أهلية، فنحن مثلاً نرى القبائل التي عرفت بشراستها على مدار التاريخ، وهي تذهب إلى ساحات التغيير بلا سلاح، فنحن أمام حالة حضارية، وتضامن شعبي، لا نسمع خلاله أي شعارات طائفية". ومن الجدير بالذكر أن التلفزيون اليمني كان قد بث تسجيلاً صوتياً للرئيس صالح، الذي أدان من خلاله الهجوم الذي استهدف مسجد النهدين، والذي أدى لإصابة يحيى الراعي، رئيس مجلس النواب اليمني، ورشاد العليمي، نائب رئيس الوزراء، وعدد من حراس الرئيس، كما أدى لاستشهاد خطيب الجمعة الشيخ علي المطري بحسب ما أعلن التلفزيون اليمني الحكومي و3 من الحرس الرئاسي، مؤكداً ضرورة ترابط الشعب لتجاوز الأزمة، متمنياً الشفاء العاجل للجرحى، ومترحماً على الشهداء.
تم طباعة هذه الخبر من موقع يمن برس https://yemen-press.net - رابط الخبر: https://yemen-press.net/news1965.html