عندما قام رئيس الوزراء اليمني عبد الله باجمال، بتدشين معبر الوديعة الحدودي، بين بلاده والسعودية في عام 2003، لم يكن يعلم ما سيلعبه هذا المعبر في إعادة السيادة، والشرعية لشعب اليمن، بعد أن اغتصبهما المتمردون الحوثيون والانقلابيون من اتباع الرئيس المخلوع علي صالح.
وكانت مسألة الحدود، قضية شائكة بين اليمن والسعودية، إلى أن تم حسمها في عام 2000، بتوقيع اتفاق جدة لترسيم الحدود بين البلدين، وجراء ذلك تم تحديد أربعة معابر رسمية للعبور بين البلدين وهي الطوال، والخضراء، والوديعة، وعلب، والتي ظلت تعمل بشكل فعال منذ افتتاحها في تحسين أوجه الاقتصاد في اليمن، عبر حركة البضائع الكبيرة بين البلدين، وتكفي الإشارة هنا إلى أن منفذ الوديعة وحده عام 2012 مثلا، كانت إيرادات الجمارك فيه مليارين و176 مليون ريال سعودي .
كما يشار إلى أن إجمالي التقديرات المالية عن مستوى التعاون التجاري بين اليمن والسعودية قبل الحرب الأخيرة كان يقدر ب 700 مليون دولار حسب بعض التقارير الاقتصادية.بعد الاعتداء الحوثي الغاشم على السلطة الشرعية في صنعاء، سيطرت جماعة الحوثي وقوات صالح على جميع المعابر الحدودية، والى الآن يسيطرون على ثلاثة منها، وهي الطوال، والخضراء، وعلب، في الوقت الذي سيطرت فيه قوات الشرعية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي على معبر «الوديعة» يونيو الماضي، وهو ما قاد لتدفق الآلاف نحوه من الفارين من لهيب الحرب، بالإضافة إلى بعض مواطني الدول الأخرى من الذين علقوا في صنعاء ولم يتم إجلاؤهم منها.
وكان لتحرير عدن، أثر كبير على عملية استعادة «الوديعة» من قبضة جماعة الحوثي، والتي كانت نقطة تحول كبرى في الصراع اليمني، وبالمقابل كان لاستعادة هذا المعبر المهم، دور كبير في تغيير موازين القوى داخل اليمن، وفتح ثغرة ذهبية سمحت بعبور قوات التحالف العربي، وآلياته العسكرية، إلى داخل اليمن، وهو ما ساعد كثيراً في تأمين مدينة عدن، بالإضافة إلى التقدم الملحوظ في أداء الجيش اليمني، وقوات التحالف على الأرض، وهو ما يظهر في تحرير الكثير من المحافظات اليمنية، في الشهور التي تلت استعادة المعبر، كما يتوقع أن يلعب هذا المعبر أدواراً أكبر في عملية استعادة صنعاء، بتوفيره لخطوط إمداد متواصلة مع قوات التحالف على الأرض، إلى جانب أنه سيوفر الكثير من احتياجات المواطن اليمني من المواد الأساسية، ما سيعين حكومة الرئيس هادي، وخالد بحاح على تثبيت السلطة الشرعية في التراب اليمني.
وكان لمعبر «الوديعة» دور في نجاح موسم الحج بالنسبة لليمنيين، حيث عبر منه 19400 حاج، بعد أن كان كثير من الشعب اليمني يخشى أن تحول سيطرة الحوثيون على المعابر الحدودية دون قيامهم بأداء فريضة الحج، وقامت السلطات السعودية بتقديم الكثير من العون لحجاج اليمن، نسبة للظروف السيئة التي يعيشونها، وتغاضت عن كثير من الإجراءات المتعلقة بتأشيرات الدخول للحجاج، في الوقت الذي كان إعلام الحوثي يردد أن السعودية سترفض دخول ضيوف الرحمن إلى أراضيها، ولكن خاب أملهم وكيدهم.وفي السياق ذاته أوضح المدير العام لجمرك منفذ الوديعة بالنيابة محمد أحمد، أن الجمارك السعودية وضعت خطة تتلخص في عدة نقاط، من أهمها استمرار العمل في المنفذ على مدار الساعة، ودعمه بأعداد إضافية من أجهزة الحاسب الآلي، وانتداب أعداد كبيرة من الموظفين في كل التخصصات، إضافة إلى دعم الجمرك بعدة فرق من الوسائل الحية (الكلاب الجمركية)، وكذلك الوسائل الآلية (أنظمة الفحص بالأشعة الخاصة بتفتيش السيارات وأجهزة فحص الأمتعة)، كما تم إعطاء الأولوية لإدخال كل المساعدات الإغاثية إلى اليمن إسهاماً في تخفيف معاناة النازحين.ـ الخليج الاماراتية