في تطور مفاجئ هز أسواق الصرافة اليمنية، كسر البنك المركزي في عدن صمته المريب الذي دام شهرين كاملين، ليعود بقرارات نارية تهدد بإغلاق عشرات المحلات المخالفة. 74 منشأة صرافة أُغلقت في 35 يوماً فقط قبل التوقف، وها هو العملاق المالي يستيقظ من سباته ليواصل حملة التطهير الشاملة التي بدأها في يوليو الماضي.
صباح اليوم، سقطت أول ضحية في جولة الإغلاقات الجديدة عندما أصدر المحافظ قراراً حاسماً بإيقاف ترخيص "بكين للصرافة" وإغلاق مقرها فورياً. فاطمة التاجرة، التي شاهدت لحظة الإغلاق، تروي بصدمة: "رأيت الموظفين يلصقون لافتة الإغلاق على الباب الحديدي، كان المشهد صادماً ومفاجئاً للجميع". القرار رقم (29) لسنة 2025 جاء بلا مقدمات أو تحذيرات، مستنداً إلى تقارير ميدانية أثبتت وجود مخالفات قانونية وفنية خطيرة.
جذور هذه العاصفة المالية تمتد إلى الخلافات المدمرة داخل مجلس القيادة الرئاسي التي شلّت حركة الإصلاحات منذ أواخر أغسطس الماضي. د. سالم المالي، المستشار الاقتصادي، يربط الأحداث قائلاً: "ما حدث يشبه إلى حد كبير حملات تنظيف البنوك في لبنان خلال الأزمة المالية، لكن التوقف السياسي في اليمن جعل الوضع أكثر تعقيداً". الحملة التي انطلقت في 23 يوليو كانت تهدف لاستئصال جذور غسل الأموال وتمويل الإرهاب من القطاع المالي.
بينما تنتشر رائحة الخوف في أسواق الصرافة، يعيش أحمد السرافي، صاحب محل صغير في عدن، قلقاً يومياً من قرار إغلاق مفاجئ قد يدمر استثماره. "نحن نراجع أوراقنا كل ليلة، الوضع متوتر جداً"، يقول أحمد وهو يرتجف من القلق. لكن على الجانب الآخر، تتحسن أسعار صرف الريال تدريجياً مع عودة الانضباط، مما يعني استقراراً أكبر في جيوب المواطنين العاديين. الخبراء يتوقعون موجة جديدة من الإغلاقات خلال الأيام القادمة.
عودة البنك المركزي للعمل الرقابي بعد شهرين من الصمت ترسل رسالة واضحة: زمن الفوضى المالية انتهى. د. محمد الخبير المصرفي، الذي توقع هذه العودة، يؤكد: "هذه بداية مرحلة جديدة من الانضباط المالي". السؤال الذي يحرق الألسنة الآن: من سيكون التالي في قائمة الإغلاق؟ وهل ستصمد هذه الحملة أمام الضغوط السياسية، أم ستتوقف مرة أخرى؟