الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٠ مساءً

الإرهاب يقودنا إلى الانهيار

يحي محمد القحطاني
الاربعاء ، ١٠ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٩:١٢ صباحاً
منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا، نمت وترعرعت عناصر إرهابية قاعدية، ضالة مضللة متعطشة للدماء والدمار، على هامش المؤسسات الشرعية، من أمن سياسي وأمن قومي، وما تبقى من جيش وأمن بعد هيكلتهم وتشتيتهم هنا وهناك، وقوات خاصة وقوات مكافحة ألإرهاب، وظلت هذه البؤر الظلاميه تكبر وتولد داخلها، خفافيش تتغذى من منابع كثيرة تساعد على نموها وانتشارها، ضمن المسلسل الذي ينفذه تجار الحروب والتخريب، وعباد المال المدنس ومن لف لفهم، ممن استحلوا الكذب واعتمدوا عليه، في تزويد الشباب بالباطل والزور والبهتان، وتضليلهم ببعض الفتاوى التي يطلقها بعض أصحاب، العمائم واللحى المخضبة بالألوان الفاقعة من "الإخوان المسلمين"، الذين جعلونا نخسر التفوق الأخلاقي والديني والمعنوي، الذي كنا نتفاخر به أمام الأمم ألأخرى، ولم يعد لدينا شيء ايجابي اليوم نقدمه للعالم..!

بعد أن تركنا شبابنا يتحولوا إلى مشاريع انتحارية، في شوارع المدن اليمنية والعربية والأجنبية، ويقومون بقتل الأبرياء بدم بارد، طلبا ل"الجنة"التي يوعدون بها من طرف أولئك الجهلة الحاقدين، الذين غسلوا أدمغتهم وعلموهم الحقد على ألآخرين، وأوجدوا لديهم الرغبة الجامحة في تدمير المنشئات، وتخويف الآمنين وهتك حرمة المعاهدين، والتشريد للمواطنين وتشويه سمعة اليمن والدين، بدلا من تعليمهم عن من اخترع الكمبيوتر، ومن صمم جهازاً يزرع في الصدر لتنظيم دقات القلب، وعن من وضع الدساتير الديمقراطية الحديثة، وعن من أسس حقوق الإنسان المعاصرة وطبقها، أما نحن فنحصد الدماء، وعشنا ولا زلنا في حلقة مفرغة، من العنف والعنف المضاد، والضحايا هم الأبرياء من الجانبين.

وصحيح أن قيمنا التاريخية والدينية، فريدة و لكن تطبيقنا لها مخجل،فقد قرأنا بالأحاديث النبوية بأن ألإيمان يماني والحكمة يمانية،وإذا اشتدت المحن فعليكم باليمن، وعن جيش أبين وخروج المهدي من اليمن، وعن شجاعتنا وصدقنا وأمانتنا وكرمنا ووفائنا وأفضليتنا، مع أننا لو كنا بالفعل كل ذلك لكنا مجتمع متفوق بدلا من متخلف،وما تطورنا وتقدمنا إلا بالفساد والإرهاب، فمرتبتنا بالفساد رقم "161" والإرهاب المرتبة الرابعة..!

منذ أن قامت العناصر ألإرهابية عام 1998 بقتل أربعة، من أصل ستة عشر من السياح الرهائن في محافظة أبين، وفي أكتوبر2000تم تفجير المدمرة ألأمريكية" يو،أس،أس،كول"، وقتل ما يقارب من 17أمريكي، وفي أحداث سبتمبر 2001في نيويورك وواشنطن وتداعياتها، وفي 2002 تم ألاعتداء على ناقلة النفط الفرنسيةLimburg ، وفي 2007تم قتل سبعة من السياح الأسبان بالقرب من مأرب، وفي 2008 تم قتل سائحين بلجيكيين مع السائقين اليمنيين في مأرب، فتحولت اليمن إلى موطن المآسي والأحزان، ولا يكاد يمر يوم إلا ويتم فيه حدوث مأساة جديدة، تفجيرات واختطافات، قطع كهرباء وتفجير أنابيب النفط، الاغتيال والقتل بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والدراجات النارية والكلاب الميتة، للمئات من الجنود والضباط والمواطنين، وللعشرات من مسئولين مدنيين وعسكريين وأطباء وممرضين، كما حدث العام الماضي في مستشفى العرضي،وقبل شهرين في ميدان التحرير، حتى الأطفال والنساء لم يسلموا من، الاغتيالات والتصفيات الهمجية.

وفي جميع الأحوال تسجل كل تلك الجرائم، بتنوعاتها لدي الأجهزة المختصة في الدولة اليمنية الضعيفة"ضد مجهول"، والأدهى والأكثر غرابة أنْ لا أحد"مسئول"، عما جرى وما يجري رغم أن سلاح الجريمة معروف وماركته مسجلة للدولة، المجرم معروف وله سوابق عديدة، سواء في الماضي البعيد آو القريب، ومع ذلك يأتي بعدها الخبر على الفضائية اليمنية"تم اغتيال المسئول الفلاني أوالضابط الفلاني، من قبل مجهولين يقودون دراجة نارية، وقد لاذوا بالفرار وسوف تقوم الجهات المختصة، بكشف ملابسات الحادث وتقديم مرتكبي تلك الجريمة، إلى العدالة لينالوا جزائهم الرادع ..الخ"، ويعقبها تعزية أو مواساة من رئيس الجمهورية، إلى أسرة المقتول وفي أحسن الأحوال، يتم صرف مبلغ زهيد من المال، وكيس من القمح والأرز والسكر والزيت، وتقيد الجريمة ضد مجهول وتنتهي القضية، وكأن شيء لم يحدث وكأن جريمة لم ترتكب، مما يفسح للجريمة فضاء أنسب وأرض أخصب، وذلك يعني أن الدولة والشعب اليمني، متجهين بسرعة عالية باتجاه الانهيار والتشظي والفوضى الخلاقة، الذي سيغرق الجميع بلا استثناء، لذلك فنحن اليوم مطالبون بإعادة إنتاج، أنفسنا، بشكل قادر على التعايش مع الآخرين، وعدم تكفيرهم وإقصائهم فهل نحن فاعلون؟

ونقول لحكومة بحاح الجديدة لا، لجريمة مقيدة ضد مجهول بعد اليوم،ولا لجريمة تمر بلا استقالة المسئول الحكومي المختص، ومحاسبته حتى لو كان بأعلى سدة الحكومة،والله من وراء القصد والسبيل.