الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:١٣ صباحاً

نصيحة لهادي!

علي منصور
الاثنين ، ١٨ أغسطس ٢٠١٤ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
ثلاث قوى سياسية تتجاذب اليمن ... يزعم كل منها ان لديه المشروع الأفضل لليمن واليمنيين... وأنه يريد الاصلاح وأن ما لديه هو خير للامة ... الاولى تريد العودة بنا الى ماقبل 2011، والثانية الى ماقبل 1962، اما الثالثة فالى ما قبل معاوية وعثمان؟

طبعا الكل لا يبحثون إلا عن مصالحهم فهم اساساً لايوجد في قاموسهم شيئ اسمه وطنية او وطن... الأول مجرب 33 سنه والثاني 1000 سنه والثالث 1400 سنه... وبالله عليكم شوفوا العالم فين واحنا فين... العالم ينظر الى الأمام ويعمل لتحقيق مستقبل افضل ونحن ننظر الى الخلف ونحلم بالعودة اليه!!!

وسط هذه المعمعة معنا رئيس نشك كثيراً في كونه يدرك مايفعل... فهو من جهة متخندق قلباً وقالباً مع الحوثيين ضد الإصلاح والقاعدة ... فقام بتوجيه وزير دفاعه لتحييد الجيش وأبقاءه في المعسكرات... كما زار الحوثيين في عمران ليوهم العالم ان المدينة عادت الى الدولة ويعطيهم فرصة لتثبيت امورهم وليرسل رسالة ميدانية للاصلاح بأنه الذي صنع النصر للحوثيين ويقول للإصلاح "إعتبروا يا اولي الألباب"... كما قام لأجل خطر الحوثيين بلحس كل كلامه الذي كان قد وجهه لهم عن خطوط حمراء ما خطوط حمراء... وتغاضى عن مسألة انهم لم يعيدوا الأسلحة التي نهبوها من عمران بعد أن كان ارغى وأزبد بشأنها... وهكذا استمر الحوثيين في السيطرة على المدينة فيما المحافظ الذي عينه هادي يرفض العودة اليها عمران لأنه يرفض أن يكون ببغاء او اراجوز في يدهم مثل صاحب صعده ...

بعد كل هذا العسل في عسل بين هادي والحوثيين يوجه عبد الملك الحوثي تهديده لهادي باللجوء الى العنف لإسقاط قرار الجرعة... وهو طبعاً مش سائل في الجرعة ولا تهمه ولكنه وجد قضية تصلح لنصب الخيام وتسيير المسيرات من أجل مزيد من التنكيل بما تبقى من الدولة لإسقاطها ... في المقابل يأمر هادي بتشكيل جيش شعبي في الجوف لوقف المد الحوثي... هذه خلاصة الخلاصة في هذا الموقف العجيب الغريب بين الاثنين... شويه وهم سد وشويه فوات....

من الواضح في خضم هذا كله أن الحوثي لديه هدف استراتيجي واحد لن يحيد ولن يتنازل عنه... وهو اسقاط الدولة... وحتى لو جرى تفاهم بينه وبين هادي فلن يكون إلا تفاهم مرحلي أما الهدف الاستراتيجي فسوف يبقى ولن يتخلى عنه. ولا ندري كيف يفكر هادي ولا كيف يتوقع أن يفرمل الحوثيين ويحولهم الى حزب سياسي ينبذ استخدام القوة... لا يوجد ما يجعلهم يقومون بذلك... خصوصاً والدولة ضعيفه مفككه رخوه مخترقة من الحوثيين والقاعديين والصالحيين ... وامام الحوثيين فرصة للفوز بالجمل بماحمل... الآن الحوثي يوشك على استكمال اسقاط اقليم ازال بالكامل...

هذه العلاقة المليئة بالمتناقضات بين الحوثيين وهادي... لها تفسير واحد وهو أن الطرفين يعملان لحساب اطراف اخرى... بمعنى أن الاتجاه العام للعلاقة بين الطرفين تحدده جهات اخرى... امريكا وايران... هادي اخذ تعليماته من الأمريكان بالنسبة للحوثيين كتوجه عام وهو تمكينهم من استئصال "التكفيريين" ولكن مازال لديه بقية هامش حركة لمنعهم من الوصول الى صنعاء او توسيع مناطق نفوذهم الى مزيد من المناطق المحادة للمملكة (الجوف).

فلاشك أن تعاون هادي مع الحوثيين لإسقاط الإصلاح واستئصال القاعدة يجري بضوء أخضر من الأمريكان؟ ولا شك أن هذا الجهد الصادق لهادي مع الحوثيين، بالإضافة الى كونه يرضي الأمريكان، وجد هوى في نفس هادي ايضاً... فهو يلجم الإصلاح ويخفف عنه ضغوط مراكز القوى التابعة لهم... ولا يبعد أن التوجيه الأمريكي لهادي بدأ من دماج ...فكلنا نتذكر ماقاله هادي للدماجيين اثناء الأزمة من أن عليهم المغادرة لأنه لا يستطيع حمايتهم خصوصاً أن الأمريكان هددوا بضربهم...
اما عن سبب الرضا الأمريكي عن الحوثيين فمن الواضح أنهم يعتبرون أن هؤلاء أقدر على تطهير اليمن من القاعدة ... بدليل خلو المناطق التي يسيطرون عليها من القاعدة... وهم أصلاً مختلفين عقائدياً مع القاعدة والإصلاح ولن يسمحوا لهما بالتواجد وسطهم ... تماماً مثلما هو الحال في ايران... ولهذا يرى الأمريكان أن الحوثيين لو امسكوا بالسلطة في اليمن فإنهم سيقضون على القاعدة ولن يلعبوا بهذا الكرت مثلما كان يلعب به صالح او كما هو حاصل الآن من قبل بعض القوى السياسية الاخرى كما صرح الأمريكان مؤخراً...... فاستئصال القاعدة بالنسبة للحوثيين مسألة مبدأ ... من قبيل "لا يجتمع دجالان في اليمن" ...وهذا جانب مهم بالنسبة للأمريكان الذين يسيطر عليهم هاجس قاعدة اليمن ومخاطرها... ولهذا نلاحظ الحرص الأمريكي على الحفاظ على علاقة طيبة مع الحوثيين ... فهم لم ولن يصنفوا الحوثيين كحركة متمردة رغم كل اعمال العنف التي يمارسونها وتمردهم على الدولة والشعارات الفارغة التي يرفعونها ضدهم ... ورغم كل ما يشكلونه من تهديد لإستقرار اليمن... الحوثيون بالنسبة للأمريكان حصان رابح يمكن الاستفادة منه للقضاء على التهديدات القاعدية بصورة مضمونة على المدى البعيد. ومن اراد أن يتأكد من هذه النظرة الأمريكية للحوثيين ما عليه إلا مشاهدة هذا الفيلم الذي صورته قناه تلفزيونية امريكية اكدت فيه على هذا الجانب.
http://m.youtube.com/watch?v=HaXJrETsqPc&feature=youtu.be

لهذا على هادي مراجعة حساباته وأن يدرك أن الصراع مع الحوثيين صراع وجودي ...وأن يعرف أن الأمريكان الذين اتفق معهم على دعم الحوثيين لن يجدوا غضاضه في ايصال الحوثيين الى السلطة متى ما حصلوا منهم (بالاصح من الايرانيين) على التطمينات اللازمة بالنسبة للعلاقة مع السعودية... وحينها يصبح هادي زيادة عدد... يمكن الاستغناء عنه... ويكون قد قضى على نفسه وعلى الدولة بنفسه... مخدوعاً بالأمريكان الذين يشهد لهم التاريخ بأن لا صاحب لهم إلا مصلحتهم!!! المطلوب الجلوس مع الاصلاح والتفاهم لرفع الغطاء السياسي الاصلاحي عن القاعدة لاخراجهم من المعادلة تماماً...ومن ثم تخليص الجيش من الخائنين والعملاء والتوجه نحو الحوثيين لإجبارهم على ترك السلاح والتحول الى حزب سياسي.