الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:١٣ مساءً

بلدة طيبة ورب غفور

إلهام الحدابي
الأحد ، ٢٥ مايو ٢٠١٤ الساعة ١٠:٢٧ صباحاً
ستعبر القافلة بعد قليل؛ كانت السعيدة قبل التاريخ الميلادي –يقول المعلم بصوت أجش- سعيدة !
لم أكن أحفل كثيراً بما يقول؛ الحقيقة أن السعادة التي ارتبطت بالملصقات الورقية في الصفوف الابتدائية لا تمت لهذه السعيدة..
يا إلهي كيف يمكن للكلمات أن تفقد قوامها الرشيق في أتون الواقع !

أتسلل إلى المطبخ خلسة؛ والدي ينام منذ ساعتين أمام قناة الجزيرة ؛ وأمي كالعادة تفكر في ما قالته النسوة في اجتماعهن الأخير أن مجلس الرجال تحدث حول الزوجة الثانية ؛ وأن كل واحدة يجب ان تحافظ على نوافذها موصدة قبل فوات الأوان..ربما لهذا السبب بدأت أمي باستخدام المساحيق بكثرة في المناسبات وغير المناسبات..

الصفحة 110 من مادة نظم إدارية؛ يقول فيلسوف هذا الكتاب أن معظم سكان دول المشرق تعيش ضمن دوامة الصمت؛وأننا جميعاً نحب (إسرائيل) ولكننا نخجل من أن نصارح بهذه الحقيقة ؛ ربما هو صادق من ناحية الحكام..لكن من ناحية الشعوب لا..

دوامة الصمت؛ أمممم كيف يمكنني أن اربطها بالسعيدة !
إمام جامع الحمد يسبح بالشتائم لأمريكا؛ أتساءل كل جمعة هل نحتاج لكل هذا الكم من الكره والبغض الذي نوزعه كعبادات خالصة لوجه الله ! فعلياً مثل تلك الأدعية لا توقف الطائرات بدون طيار.

على رصيف عابر؛ كانت الجمعة الخامسة والستين أم...لا أتذكر فقد أصبحت جمع الستين والسبعين أشبه بعروض ملابس داخلية تفضح أكثر مما تستر؛ كانوا يبيعون الأحزاب والدين والقتل الجماعي والسياسة والرئيس التوافقي؛ والشهداء بثمن بخس؛ يحرك الناس أيديهم وأقدامهم بكل تبجيل تحت حرارة الشمس؛ الحقيقة لم أشك قط في نوايا الجمهور العريض الذي يتحرك يميناً ويساراً وفق ما تمليه إرادة المخرج؛ لكني إلى اللحظة لا زلت أحمل شكوكي السرية والمعلنة حول نية المخرج..
اتضح في الأخير أن المخرج كان يبحث عن شقة مجانية أو سيارة فارهة؛ أو منحة لأولاده؛ والبعض منهم تطاول في الطموح لمنصب وزاري !

على الرصيف العابر جلست إلى إحداهن؛ كنا نتحدث عن (حادث النهدين) ؛ هذا الحادث الذي يشبه فيلم قديم عندما افتتحت هوليود فضاءها السينمائي؛ إلى اللحظة لا يعرف أحد ما الذي حدث بالضبط؛ لكن ما نعرفه جميعاً ومتأكدين منه أنه إلى الآن يقبع في السجن لأكثر من ثلاثة أعوام أناس اتهموا في القضية؛ عن أي قضية نتحدث ! يقال أنها مرتبطة بالابتزاز السياسي في اليمن..

أها؛ إذاً مصطلح( الابتزاز السياسي) هو الذي جعل الحقائب الوزارية تشبه حقائب الصف الأول فلا ندري من سرق المساحة أو المقشطة ؛ كل ما نعلمه أن ثمة أيادي خفية تعبث بالفصل؛ سيتضح لنا لاحقاً أن هذه الأيدي الخفية لم تكن يد واحدة..أخشى أن يكون أكثرهم صياماً وقياماً هو الفاعل الحقيقي!

كان واعظ المدينة يفصل كيف يجب أن يسقط الله الطائرة على أم رأسها؛ تذكرت صورة هادي وهو يحاول العبوس ليظهر أمام الشعب وكأنه قوي؛ لا أدري إن كان من الضروري أن يعاد تأهيل أي رئيس يمني قبل أن يتولى الحكم؛ ليعرف أي ملامح يجب أن يرتديها قبل أن يبدأ العرض !

يكفي أننا ابتلينا بفتح الفاعل وضم المجرور ؛ كيف لنا إذاً أن نتحمل من يعبث بآلامنا !
الأستاذة هيام في الصف السادس أخبرتنا عن مضيق باب المندب؛ وزرته بعد عشر سنوات من ذلك الدرس؛ لكني إلى اللحظة لا أستطيع أن أفهم كيف يبرر هذا المضيق شرعية قصف الطائرات بدون طيار!

إذا كان اليمن دولة لها وزنها وتاريخها في المنطقة كما تروج دول الخليج لماذا إذاً يقتل أبناءها على الحدود بكل رخص !

ولماذا تصبح مسألة موت 52 أو أكثر في حوادث متفرقة بسبب الطائرات بدون طيار ضرورة شرعية لحرب الإرهاب ! ولماذا تصر تلك الدول المتعاونة على أن تزج باليمن في أتون الصراع الطائفي بغض الطرف عن طرف ومحاربة آخر !
أووه ..كثيرة هي الأسئلة التي ترتبط بالسعيدة؛ هل قلت السعيدة !

نعم ؛ السعيدة التي نزل عليها في القرآن سيل العرم وأثل وشيء من سدر قليل