السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٠ مساءً

باسندوه ... ورحلتي الشتاء والصيف

علي منصور
السبت ، ١٩ ابريل ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
في كل عام ينطلق رئيس وزراء الجمهورية اليمنية مرتين على الأقل الى دولة الامارات في زيارات جرت العادة أن يموه الاعلام الإصلاحي غرضها بأنها لإجراء الفحوصات الطبية. كما لو أن مستشفيات دولة الامارات اصبحت مقصداً دولياً للطبابة ... باسندوه في هذه الزيارات لا يجري أي ترتيبات مع السفارة اليمنية في الامارات لاستقباله... بل ينزل من الطائرة مع المسافرين ويمر بنفسه على اكشاك الجوازات ويذهب بنفسه لاستلام حقيبته وإن لم تستقبله ابنته أو صديق فقد يغادر المطار على سيارة اجره مثله مثل أي مسافر عادي ... وهذا ما يقوله لنا بعض الاصدقاء الذين صادف سفرهم على نفس الرحلة معه...

ولا يحسبن أحداً أن تصرف باسندوه هذا هو من باب التواضع ... فكل ما في الأمر هو أنه لا يريد لاحد أن يعلم بأنه يحتفظ بإقامة في الامارات يلزمه للحفاظ على صلاحيتها أن لا يقضي أكثر من ستة شهور في الخارج ... وتستلزم بذلك أن يمر بنفسه على جوازات المطار في الامارات لكي يأخذوا بصمته ويلتقطوا صورته بكاميراتهم ... هذا ايها السادة هو رئيس وزراء الجمهورية اليمنية بملايينها الخمسة وعشرين مليون ,,, الشخص الذي قرر كبار لصوص اليمن أن يجعلوه رئيساً لوزراء هذا البلد المنكوب بهم وبه.
بالطبع فإن رحلة باسندوة الدورية الى ابوظبي لها غرض آخر وهو اللقاء مع امرائها ... لاطلاعهم على المستجدات والتقرب منهم ... وكلهم اهل نظر وكرم وشهامة... وكفى بما شاهدناه على شاشات التلفزيون وهو في حضرة الأمير دليلاً على طبيعة علاقته بهم ... باسندوة الذي شاهدناه على الشاشة لم يكن يريق ماء وجهه الذي لاشك أنه قد استنزفه خلال سنوات عمره المديد ولم يبق منه ما يراق ... بل كان يريق مياه وجوهنا نحن الخمسة وعشرين مليون يمني ممن ارتضوا استمرار هذا الشخص (؟) في هذا الموقع...

باسندوه ايها السادة ، كما قال أحد الكتاب الصحفيين، ليس إلا واجهة للصوص الذين رعوه خلال سنوات "التغريبة" ثم حملوه حملاً الى رئاسة الوزراء لكي يسهل لهم تفريغ الخزينة العامة الى جيوبهم.... فهو وإن لم يكن لصاً لنفسه إلا أنه لصاً للآخرين. وهذه في الواقع جريمة أكبر من أن يكون هو اللص... إذ أنه بحكم موقعه يتواطئ مع عشرات اللصوص الكبار ليسهل لهم سرقة المال العام...

يوشك الاقتصاد أن ينهار... وحديث الناس أن لا مرتبات للموظفين الشهر القادم او الذي يليه... ولا الغاز في الأمر... فالسبب واضح... لدينا حكومة فاشلة ورئاسة جمهورية عاجزة ... وحزب الاصلاح اثبت ان لصوصه وإن كانوا أقل عدداً من لصوص حزب المؤتمر إلا أنهم أكثر قدرة على الابتلاع والهضم ... واقدر على الابتكار وتجديد الأساليب... إذ انهم انتقلوا من مجرد مد اليد الى جيب الدولة وسرقتها الى ترصيع هذا الجيب بالثقوب وتفريغه تماماً... وامامكم عقود شراء الطاقة بما تمثله من نزيف هائل للخزينة العامة من خلال فساد مزدوج... مبالغة في سعر الكيلو وات ومبالغة في كميات الوقود التي تسلم للمتعهدين المتعاقد معهم لتوليد الطاقة... هذه العقود سال لها لعاب مراكز القوى وتحولت الى نزيف يوشك أن ينهار معه الاقتصاد... ولا يتعذرن أحد بعمليات تخريب انابيب النفط وتناقص ايرادات الدولة... ففي ظل فساد كهذا لم يكن لينفع حتى انتاج اضعاف مضاعفة من النفط والغاز,,, نحن ايها السادة أمام فساد أكل الأخضر واليابس...

النصيحة الوحيدة المتبقية لحزب الاصلاح أن يتم مواجهة الوضع الاقتصادي بمسئولية... فاجتماعات المانحين لن تحل المشكلة لأن المجتمع الدولي ليس على استعداد لمد الحكومة بمال تستلمه باليمين لكي تسلمه للصوص بالشمال... وأمامكم نتائج اجتماعات وزيري المالية والتخطيط في واشنطن ... واجتماع الرئيس مع السفراء العشرة البررة قبل بضعة اسابيع اسفر عن احالته الى صندوق النقد... ولهذا فلا تعويل على مانحين او غيره... ومحاولة الهروب من المشكلة بطباعة مزيد من النقد ، لن تكون إلا ترحيلاً للمشكلة الى المستقبل القريب وظروف لن يكون القرار فيها اسهل ، وستكون نتائجها كارثية وفورية على سعر الدولار وعلى الاستثمارات في اذونات الخزينة... وستخلق في السوق هلعاً لا يمكن التنبوء بتبعاته.

ليس امام الاصلاح إلا الموافقة على رفع الدعم عن الوقود وبالمقابل استخدام جزء من الوفورات لرفع المرتبات لإسكات الشارع وجزء آخر لتمويل آليات اخرى تخفف تأثير هذا الرفع على قطاعات الزراعة والنقل... آليات دعم تستهدف شرائح وقطاعات معينة وتخفف من التأثير السلبي عليها وردة فعلها ... وأن يعهد لشركة استشارية بمراجعة عقود شراء الطاقة وآلية صرف الوقود للمتعهدين... وأن يتم التخلص من باسندوه وتشكيل حكومة كفاءات... وأن يخفف اللصوص قبضتهم على الحكومة بحيث يبقى شيئ من الدماء في جسد الاقتصاد بعد أن كادوا يفرغوه من الدماء... وبدون هذا فالخراب قادم والفراغ الذي سيتولد عن الانهيار ستملأه قوى الرده وسيلعنكم التاريخ لأنكم لم تروا إلا مصالحكم الآنية ولم تذهب بصيرتكم لأبعد من انوفكم.