الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٧ صباحاً

المنتصر مهزوم والوثيقة الترياق

عارف الدوش
الثلاثاء ، ٢٥ مارس ٢٠١٤ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
توصل الذاهبون إلى الحوار على طاولات «موفنبيك» إلى وثيقة هي خلاصة لمناقشاتهم واتفاقاتهم حتى من كان يريد أن يعرقل بحث عن كل سقطة أو هفوة واقتنص كل ريح هبت من هنا وهناك منتظراً ولو بصيص أمل بتغيرات محلية أو إقليمية أو دولية لينفض يديه وعقله وقلبه من الحوار ومقررات «وثيقة مخرجات الحوار».

الذاهبون إلى موفنبيك خرجوا بـ «وثيقة مخرجات الحوار» وهي في مجملها وجوهرها تشكل طريقاً آمناً ليمن جديد الجميع قدّم تنازلات مؤلمة بمعاييره هو ولهذا فإن التنازلات كانت على الأطراف مؤلمة من هذا المقياس فقد كان كل طرف يريد أن يمرر ويحصد ما يرضيه ويجعله يسير مرتاحاً ومستريحاً في طريق التغيير.

بعض الأطراف لا تريد منحنيات ولا تعرجات في طريق التغيير، تريد التغيير واليمن الجديد بما يناسبها وعلى مقاسها بينما الذاهبون إلى موفنبيك خرجوا بـ «وثيقة مخرجات الحوار الوطني» فقالوا صراحة في الوثيقة انهم يريدون المحافظة على الثورة والجمهورية، يريدون التجديد وضخ دماء جديدة في شرايين اليمن اليوم لتصبح أكثر قوة ومنعة وتعايشاً، يمناً جديداً يتعايش مع مكوناته ويتعايش مع محيطه بحيث يكون سنداً له ويتعايش مع العالم بسلام.

الشباب والنساء ومنظمات المجتمع المدني ككل قال كلمته بصوت مسموع ومرر بالتوافق ليس كل ما يريده لليمن الجديد وإنما ما تم التوافق عليه مع كل القوى والأطراف الخائفة أو لنقل بصراحة الرافضة للتغيير ولليمن الجديد، لأنها غير مستعدة للعيش المشترك ولهذا دوماً نراها تهرب الى الحرب وهي تجيد اقتناص الفرص في أجواء الحرب ولعلعة السلاح ولا تجيد مهنة غيرها.

من كان يرى ويقرأ ويسمع مواقف وتصرفات القوى والأطراف التي لا تريد مع سبق الإصرار يمناً جديداً وترى نفسها هي اليمن والدستور والقانون أيام مؤتمر الحوار كان يظن أنها وصلت إلى فهم حل معضلة اليمن وأنها اكتشفت أن التعايش والقبول بالآخر وتقديم التنازلات هو الطريق الآمن للعيش المشترك.

لكن ما يتضح بفعل التطورات المتسارعة قبيل اختتام مؤتمر الحوار وبعده أن هذه القوى لا تريد العيش المشترك ولا تفهم إلا ما تراه يخدمها فقط وهي منذ عقود تجيش وتنهب وتستقوي فجمعت لها ثروات طائلة واشترت سلاحاً ومستعدة للاستمرار في غيها ومنطقها الأعوج.. إن القوة والحسم بالسلاح وفرض الأمر الواقع هو ما سيتم .

أجزم أن " وثيقة مخرجات الحوار" تقول وداعاً للسلاح وحكم الغلبة بالقوة والقهر وفي ثناياها أدوات تفكيك المتاريس والطريق الآمن للحفاظ على الثورة والجمهورية والسير نحو التغيير والتحديث والبناء إنها الترياق لأمراض اليمن واليمنيين المزمنة وهي كثيرة "الاستبداد والظلم والقهر والتهميش والإقصاء والطائفية والمناطقية... الخ" والقائمة تطول

و الوثيقة قالت: جمهورية اتحادية ديمقراطية دين مواطنيها الإسلام والسيادة فيها للدستور والنظام والقانون والشعب مالك السلطات يمنحها وينزعها بالانتخابات وإشكالها المختلفة «الاستفتاء أو الخروج الجماعي السلمي بمعنى الثورة السلمية العارمة وهي استفتاء بدون صناديق»

من منا يستطيع النكران أن الحوار الوطني عبر باليمن نحو الأمان وأنها تجاوزت به الاقتتال والسير على طريق النموذج الليبي أو السوري؟، لا أحد، لكننا نرى اليوم أمامنا أطرافاً تريد العودة بنا إلى السير عبر طريق أحد النموذجين التعيسين "الليبي أو السوري"

وبالتالي أصبح لزاماً وواجباً وحتمياً وضرورياً على اليمنيين أن يصرخوا بأعلى الأصوات وأن يخرجوا إلى كل الميادين والساحات ليعلنوا إنهم مع نزع أسلحة الجماعات والمليشيات والأحزاب والوجاهات وأمراء الحروب في اليمن .

لنرفع الصوت عالياً ولنهتف بصوت واحد: لا للمبندقين ومكدسي السلاح، نعم لمالك وحيد للسلاح هو الدولة نعم لتفكيك كل المليشيات المدججة بالسلاح من جميع الأطراف والتوافق على قوانين رادعة ضد قادة الجيش والأمن ومنتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية الذين سينحازون للأطراف المختلفة تبدأ بالفصل وتنتهي بعقوبات صادمة، رادعة، مؤلمة، موجعة.

وأخيراً: أذكّر أمراء الحروب وأصحاب النياشين والكاكي وقادة وأفراد المليشيات المسلحة من جميع الأطراف بما ظل العقلاء يرددونه عقب حرب صيف 94م المشؤومة " المنتصر مهزوم" فمن ينتصر بالسلاح والقوة ويغتر بأن الظروف والمرحلة مهيأة أن يقمع المخالف له سينهزم وما مر بنا وما نحن فيه خير شاهد، فسلموا أسلحتكم واقبلوا بالدولة المدنية والعيش المشترك والله يهديكم إلى سواء السبيل.