الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٣ مساءً

عدن ما بين الماضي والوحدة ونكبتها في حكم هادي

صقر منقوش
الاربعاء ، ١٩ مارس ٢٠١٤ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
مدينة عرفت بأنها جنة الدنيا وبحكم موقعها الاستراتيجي المتميز طمع بها الاحتلال البريطاني عن باقي مدن اليمن، وجعلوا منها الأكثر ازدهاراً عن غيرها من دول الجزيرة العربية، وسجل لها التاريخ منجزات هي السبًّاقة بها: كأول بنك وأول نادٍ رياضي في الجزيرة العربية عام 1905م, أُقيم فيها أول معرض للطيران الحربي عام 1916م، وأُسست أول شركة طيران مدني في عام 1941م . إذاعة عدن تعتبر أول بثٍّ إذاعي في الجزيرة العربية1950م، وسجلت هذه المعلومة بالكتب المدرسية، ولايستطيع أحدٌ نكران العصر الذهبي الذي مرَّت به عدن في خمسينيات القرن الماضي ، إذ نال ميناؤها المركز الثالث في العالم بعد نيويورك وليفربول، وحصل شارع المعلاء على لقب أطول شارع بالشرق الأوسط ، والتواهي على أهم منطقة اقتصادية ،وتم مقارنة مطارها بمطار طوكيو من حيث حركة الطيران، وتلفزيون عدن يعتبر من أوائل البث التلفزيوني بالجزيرة العربية، كل هذه المنجزات سجلت باسم اليمن، في الكتب والموسوعات الحرة.

تحررت عدن ورحل آخر جندي بريطاني من عدن في الثلاثين من نوفمبر 1967م ،ولكن ظل النظام الذي وضعته بريطانيا الذي تعوَّد عليه أبناء عدن وحافظوا عليه، وانضمت عدن ككيان وسيادة وعلم مستقل إلى الجنوب العربي، وأصبحت العاصمة، وعُرف الجنوب بأنه دولة مدنية ذات نظام وقانون ،بالرغم من النزاعات السياسية إلا أن حركة الازدهار ظلت مستمرة بحكم أنها دولة بنظام اشتراكي والأنظمة الاشتراكية تعتمد بـ90% على ما تنتجه الدولة، فكان هناك العديد من المصانع، كالعطور,البسكويت ,الطماطم, المعدن,الجلود, الألومونيوم , الخرسانة, الغزل والنسيج ,بطاريات السيارات, الغاز الأسفنج والذخائر الذي تم تدميره موخراً، والعديد من المصانع التي تم خصخصتها وبيعها وتشريد من كانوا يعملون في عهد الرئيس صالح، بالإضافة إلى الوحدات السكنية: مثل عمر المختار , عبدالعزيز, نجوى مكاوي , الأحمدي, السنافر , ريمي وغيرهم كثير، بالإضافة إلى المستشفيات كمستشفى الصداقة، ومستشفى عدن، والمستوصفات الحكومية التي كان يتعالج فيها المواطن بالمجَّان، ومحطة الحسوة الكهربائية التي تعتبر من أهم المحطَّات الكهربائية في اليمن، وظلت اليمن لسنوات تعتمد عليها كهربائياً .والفنادق الضخمة كفندق عدن وجولد مور (الشيرتون حالياً).

وجاء بعد ذلك يوم الـ22 من مايو 1990م، حيث رُفع على أرضها علم الجمهورية اليمنية، وأُعلنت الوحدة وتم اعتبار عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية لليمن، عاد التجار الجنوبيون من غربتهم وانتهى تدريجيًّا النظام الاشتراكي من عدن خاصة والجنوب عامة، إلا أن الفرحة لم تكتمل، فحرب 94م كانت نقطة سوداء في تاريخ الوحدة اليمنية، إذ أنه تم استهداف أهم المؤسسات في عدن، كمطار عدن الدولي الذي يعتبر أفضل مطارات اليمن، وبدأ الفيد من نهب الأراضي من قبل المتنفذين كأولاد الأحمر وعلي محسن الأحمر بتنسيقٍ من الرئيس صالح، مرت سنوات أُهملت فيها عدن وعادت الروح لها في فترة حكم الدكتور يحيى الشعيبي الذي كان اليد الأمينة لها وأصبحت عدن المدينة السياحية الأولى في اليمن، وعاصمة اقتصادية وتجارية ومنطقة حرة فقط بالاسم. الجميل أن نظام صالح حافظ أيضاً على الحركة المرورية في عدن، فكانت عدن تتميز عن باقي مدن اليمن بنظام حركة السير فيها، ولكن لم تعطَ حقها، فعدن لم يبنَ فيها أي جسور أو أنفاق من عام 90م مقارنة بصنعاء.

أبهرت عدن الجميع وتألقت في خليجي عشرين وكانت هذه آخر مرة أرى فيها عدن جميلة، بعدها قامت ثورة الشباب وازدادت الاحتجاجات وانتشرت العشوائيات في عدن؛ بسبب غياب الدولة، نُصِّب وحيد رشيد محافظاً لعدن ،واستلم هادي الرئاسة وعدن من سيء إلى أسوأ ،انتشار ضخم للعشوائيات حتى فوق القبور، وانتهى نظام السير الذي وضعته بريطانيا وحافظت عليه جميع الأنظمة السابقة، مشاريع ضخمة متوقفة، آثار يتم انتهاكها، القمامات تملأ الشوارع، الأشجار جفَّت وماتت؛ لأنها لم تجد أحداً يرويها، شوارع مليئة بالحفر، مجارٍ طافحة، عدن أصبحت مدينة منكوبة والرئيس في غياب، ومحافظ لم يقدم شي . يا سيادة الرئيس، إنها عدن ثغر اليمن الباسم وبوابته للعالم، إن لم تنقذها فستكون أنت المذنب الوحيد بحقها .