الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً

للرفاق المتحوثين: عن الحركة الحوثية..

محمد أحمد أبواصبع
الثلاثاء ، ٢٥ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
لا يختلف اثنان على فساد الحكومة اليمنية وفشلها. الأمر محسوم هنا، وكل النداءات الداعية لإسقاطها هي دعوات مشروعة، بغض النظر عن مصداقيته القوى التي تبنت الدعوة أو شاركت فيها، لأن التحرك الشعبي ينصب في بوتقة إيجاد الوعي الاجتماعي وإن كان ببطيء شديد لكنه يظل الطريق المتاح خصوصاً بعد عجز ثورة فبراير عن إنتاج - الحزب الطليعي بحسب التعبيرات اليساريه - المكونات الثورية التي كان من المفترض أن تعبر عن مصالح الجماهير الثائرة وكذا مع تخلي الأحزاب اليسارية ( الحزب الاشتراكي اليمني) عن أيدلوجيته وتماهيه مع الاشتراكية الدولية التي تعد ثكنة لـ الليبرالية الجديدة. الدعوات الأخيرة للتظاهرة لم تكن واضحة المعالم، لكن كان هناك ثوار حقيقيون كما كان هناك قوى تريد إسقاط الحكومة، لا لأن الحكومة لا تعبر عن مصالح الشعب، ولكن لأن هذه القوى تريد إعادة تشكيل الحكومة بما يضمن حصولها على حصة أكبر إنطلاقاً من توسع نطاق سيطرتها على الأرض -والآتي من قوة السلاح واستخدامها لخطاب مذهبي وحشد سلالي- وكذا استغلالها لحالة التذمر الاجتماعي الذي كان نتاج طبيعي لفشل الحكومة الذريع ولإستمرار السياسات الاقتصادية والإنحيازات الاجتماعية لدوله على عبد الله صالح. كما قلت الخروج ضد الحكومة شيء طبيعي ومشروع لكنه ليس دافعي لكتابة المقال. دافعي الحقيقي هو إرتفاع بعض الأصوات المحسوبة على اليسار القائلة بثورية الحركة الحوثية وإعتبارها بديلاً ثورياً وتقدمي يقاوم الإمبريالية الرأسمالية . ينطلق هؤلاء في دعواتهم هذه من بعدين، بعد إقليمي يسلط الضوء على حالة إيران وحزب الله باعتبارها حالات مقاومة للمشروع الصهيوامريكي في المنطقة معتبرين الحوثة إمتداداً لها. وبعدٌ داخلي قائم على معادة الحركة الحوثيه لحركة الإخوان المسلمين التي تنفذ السياسات الأمريكية باليمن.

. أولًا البعد الإقليمي . هل حقاً إيران معادية للمشروع الصهيوامريكي؟ ينبغي علينا أولاً أن نعرف ان الصراع الحالي بكل أشكاله الذي تقوده أمريكا وحلفائها الأوربيين بحجج الديمقراطية وحقوق الإنسان هو صراع جوهرة نهب ثروات الشعوب تعزيزاً للنظام الرأسمالي. وبحسب المفكر المصري سمير أمين "فأن زراعة بلد غريب -إسرائيل- عن المنطقة يأتي لخلق نقطة إرتكاز دائمة لتدعيم التدخلات المستمرة الهادفة لإخضاع الشرق الأوسط العربي للسيطرة الرأسمالية الإمبريالية " من المعروف ان الإمبريالية انتقلت بعد ثورات التحرر الوطني من صيغتها العسكرية إلي الاحتلال الاقتصادي فسعت إلى فرض هيمنتها عبر إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كأدوات لا تقل دموية ووحشية عن قنبلة "هيروشيما". وتمكنت من خلالهما من إخضاع الدول عن طريق إغراقها بالديون، مستغلةً الأنظمة الفاسدة لتلك البلدان، لتفرض شروطها وإملائتها التي تنصب في خدمة الرأسمالية العالمية. إيران جزء من هذا النظام وهي لم تعلن في يوم عداها له، بل هي متماهية معه من خلال تبني اقتصاديات السوق المفتوح" الليبرالية الجديدة" وحتى مع ظهور بعض المحاولات لكسر سياسة القطب الواحد كتكتل البريكس الذي تأسس العام 2008 من كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين ثم أنظمت له جنوب إفريقيا وهو تكتل يتبنى السياسات الليبرالية (مع بعض الانحيازات الاجتماعية) إلا إنه سيساعد الدول المنضوية فيه من التحرر من املاءات الصندوق الدولي عبر تخصيصه صندوق لدعمها. رغم هذا إيران لم تنظم للتكتل كي تتخلص من الإملاءات الأمريكية (كالتوصيات التي تضمنها تقرير الصندوق الدولي عن إيران في شهر يوليو2013) ولم نقرأ أو نسمع حتى عن محاولات انضمام إيران له. إيران إذاً تسبح في فلك الرأسمالية العالمية الأمر كذلك حتى بالنسبة لحزب الله، الذي وبمجرد وصوله للسلطة تبني نفس السياسات الاقتصادية التي كانت تتبناها حكومة الحريري على الرغم من إن الفئات الفقيرة هي التي تشكل قاعدته بحسب المفكر الفلسطيني ميشيل كيلو.

ثانياً البعد الداخلي. ينظر البعض - وأنا منهم - إن حركة الإخوان خطفت الثورة، وغيبت من خلال ترسانتها الإعلامية البعد الاجتماعي للثورة وسطحت الصراع وقصرته على صراع بين الشعب والرئيس صالح وعائلته هذا الأمر بدا واضحاً في الشعارات التي ترددت عقب انضمام علي محسن الأحمر للثورة، حيث أخمدت الشعارات الطبقية وحلت مكانها شعارات سياسية غامضة بل حتى إن آلة الأعلام الإخوانية استطاعت إن تحمل الفئات الفقيرة على تحقير ذاتها عندما تم تعميم كلمة "عفاش" في خطاب الثورة وهي مفردة أطلقها حلفاء صالح السابقون من رجال المشايخ القبليين ليتبرؤوا من قرابته لهم وهي بالأساس مفردة تحتقر الأصول الرعوية "الفلاحية" التي يزعم آل الأحمر (الذين كانوا طوال فترة حكم صالح يتبركون بقرابته) ان صالح آتٍ منها. والسؤال الآن هل تنتصر الحركة الحوثية لمثل هذه الفئات وهل يمكن ان توصف بحركة تقدمية اجتماعية وهل كانت تعنى حقاً الخطاب الثوري الرافض للتسوية السياسية الذي قدمته إبان الثورة؟ الإجابة على كل هذه التساؤلات واضحة بمجرد النظر إلى البناء الطبقي والتوجه الفكري للجماعة التي تستند على نفس الأدوات التي اعتمدت عليها حركة الإخوان المسلمون في التمدد والتوسع منذ نهاية الستينات وهي أدوات رجعية بامتياز تعمل على مراكمة التخلف في عقول الجماهير خالقة بذلك ثقافة القطيع. ببساطة إنها تكبل العقل وتطلق الإتباع. وهي مثلما حركة الإخوان تتبع سياسة الليبرالية الجديدة وفي أوساطها رجال مال ورجال سلطة تحولوا بفعل فساد نظام صالح إلى جزء من طبقة رأس المال إلا إنها أسوء من حركة الإخوان حيث إنها تؤسس لصراعٍ طائفي وتحشد باتجاهه. كما ان تعريف الحركة الحوثية للعدالة الاجتماعية ونظرتها للطبقات الفقيرة والطبقات المسحوقة غير بينة الملامح في أدبياتها وخطابها - حتى أيام الثورة- لكن تنتفي أي علاقة للحركة بهذه الفئات بمجرد النظر إلى رؤساء الحركة الذين بمعظمهم ينتمون لما يسمون أنفسهم آل البيت كما إنها تعمد إلى تشوية الحركات الشيعية الثورية كالمطرفية التي كان على رأسها إسكافي ومزين (وهما من الطبقة المهمشة) ويتضح ذلك من العداء لـ محمد يحيى عزان - احد مؤسسين الشباب المؤمن مع بدر الدين الحوثي - الذي حاول ان ينصف تاريخ المطرفيه ويؤسس لحركة إجتماعية تستلهم تاريخ المطرفيه الذي يمكن ان يقال إنه يقترب من لاهوت التحرير الذي عرفته أمريكا الجنوبية.
في الأخير إن الحركة الحوثية مشروع أصولي وهي مثل كل الحركات الأصولية التي تغذي تفكك المجتمع والحروب الطائفية وهو جزء من الإسلام السياسي الذي يقول عنه المفكر المصري سمير أمين " إن الإسلام السياسي هو ببساطة ليس معادياً للإمبريالية وإنما يقف إجمالاً خلف القوى المهيمنة على الصعيد العالمي"