الاربعاء ، ١٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٨ صباحاً

معركة ليس فيها منتصر

نبيل مبارك عجرة
الاثنين ، ١٧ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
رأى أحد الكتاب رئيساً يشير بيده في ساحة بغداد إلى الجمهور الغفير الذين احتشدوا ليهنئوه بالنصر في معركة دامت سنين فتسأل: هل هذه إشارة نصر أم هزيمة؟ هل نفرح أم نحزن؟ إن المعركة التي خاضها أمام أهل ملته، وإن خالفوه المذهب كما يدعي، ألا يدري بأن من بين جيشه من يحمل ذلك الفكر، ومن ضمن أفراد عدوه من يحمل نفس فكره ومذهبه، إذا هذه معركة ليس فيها منتصر بل الكل منهزم، فما أشبه الليلة بالبارحة فإن الأحداث التي تجري اليوم في شتى بقاع المسلمين نستطيع أن نقول عنها بإنها معارك ليس فيها منتصر، وهكذا الحال عند تقاتل أهل بلد واحد فإن الأمور ستؤول إلى استنزاف الطاقات وانهاك القوى، فإن أسعفتهم عقولهم إن كان لهم، وإلا فإن كل طرف لا يريد أن يتنازل للآخر وهذا عين ما يرجوه أعدائهم الذين يتربصون بهم فعند أن يلجأ أحد الفريقين سواء الحاكم أو المعارض إلى الانهزام عند ذلك يميل إلى مد يده إلى عدوه الخارجي ليسلمه مقاليد أموره وأمور من ينافس ويقاتل ولسان حاله يقول: " اقتلوني ومالك واقتلوا مالك معي " وبعد ذلك فإن الهزيمة التي سيجرون أذيالها هي التي ستصلح بينهم ولكن بعد فوت الأوان، لأن الكل سيكون مغلوب على أمره بحيث لو فتشت بينهم لن تجد راحلة.

لقد أمر الله المؤمنين أن إذا حصل بينهم مثل هذا الخلاف ووصل الحال إلى الملاقاة بالسن والسنان والعدة والعتاد أن تهب جماعة أخرى بالإصلاح فيما بينهم، فإن تعدت وعصت إحداهما فلم ترضى بما رضيه لهم أهل العقل والحل فهنا صار الأمر بين ظالم ومظلوم وإن كان الظالم أقرب قريب فعلينا أن نردعه ونرده عن ظلمه ليس لأننا نكرهه بل لأنا لا نحب الظلم علينا ولا على غيرنا حتى لا نرضاه على عدونا فمن النصر لهذه الفرقة الظالمة أن نزجرها لتعود إلى رشدها فقد قال ص: (( انصر أخاك ظالما أو مظلوما )) فقالوا هذا المظلوم فكيف ننصره ظالما قال: (( تردعه عن الظلم فذلك نصرك إياه )).

لقد سجل لنا التاريخ ما حصل من اقتتال بين أبناء العمومة الواحدة من القبائل التي قد خلت من قبل، منها ما كان سببه ناقة ومنها سباق خيل فهذه أربعون والأخرى عشرون سنة، حتى أتت هذه المعارك على كل متحرك وأهلكت الحرث والنسل عندها فقط عرفوا أنهم كانوا ظالمين، فننادي المصلحين بجميع أفكارهم ومذاهبهم أن يهبوا إلى تلك القبائل والفرق المتناحرة نشد على أيدي أهل العقول أن يجعلوا ثواب الدنيا والدين نصب أعينهم إن هم استطاعوا إيقاف نزيف هذه الأمة فإنه من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعاً.