الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٢ صباحاً

المجرم القاتل حين يحول إلى مناضل ...المرقشي نموذجاً

وضاح حسين المودَّع
الثلاثاء ، ٠٤ فبراير ٢٠١٤ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
جمعة تحرق فيها شوارع في المنصورة ويقطع فيها شارع المعلا كل ذلك لأجل المناضل الأسير المرقشي بعد أن تم تسميتها باسمه في ذيل الاسم الطويل ، هكذا ألخص المشهد يوم أمس الجمعة 31يناير2014م.

أحمد عمر أمعبد العبادي الشهيربلقب المرقشي قام بتاريخ 12فبراير 2008م وبداخل مقر صحيفة الأيام بصنعاء شارع الستين الجنوبي بقتل الطفل الشهيد الذي لم يبلغ ال18سنة صلاح طارق صلاح المصري وشرع في قتل أربعة أشخاص أخرين بعد أن حمل سلاحاً بدون ترخيص، بعد سنتين و5أشهر من الواقعة وفي محكمة جنوب غرب أمانة العاصمة صنعاء وبعد أن سأل القاضي هاني الربيعي المتهم ومحاميه هل بقي لديكم أي دليل إضافي أو أي رد أو دفع قبل أن تحجز القضية للحكم فأجابا بإنهما مكتفيان ، تم حجز القضية للحكم وصدر الحكم الإبتدائي المرقم (192)بتاريخ 11يوليو2010م وقضى في الفقرة الأولى منه (بإدانة المتهم الأول /أحمد عمر أمعبد العبادي بإرتكاب جريمة القتل العمد والعدوان لحي المجني عليه/صلاح طارق صلاح المصري) وقضت الفقرة ثانياً من الحكم بإن (يعاقب المدان أحمد عمر أمعبد العبادي بالإعدام قصاصاً لقتله حي المجني عليه صلاح طارق صلاح المصري) .

إستأنف المتهم العبادي (المرقشي) الحكم وبعد سنة أصدرت الشعبة الأولى بمحكمة استئناف أمانة العاصمة برئاسة القاضي يحيى العنسي وعضوية القاضي حسين بانافع حكمها الذي قضى في الفقرة ثالثاً منه (بتأييد الحكم الإبتدائي المطعون فيه الصادر من محكمة جنوب غرب الأمانة بجميع فقراته) وجاء في حيثيات الحكم الإستئنافي مالفظه((..مع الأخذ في الإعتبار أن بقية الأدلة كافية في حقه فالمذكور معترف بقيامه بإطلاق النار من سلاح ألى عطفه وأكدت ذلك شهادة الشهود وقد حصل جراء ذلك الإطلاق وفاة المجني عليه صلاح طارق المصري وإصابة أخرين ولم يرد في الأدلة مايفيد حصول إطلاق النار من غيره ولم يكن فعل المذكور من باب الدفاع الشرعي حيث أن حصول الواقعة على ذلك النحو لاتدل على وجود خطر على المتهم المذكور ولم يكن من حقه القيام بذلك الفعل بسبب قيام أحمد الحضاري ومن إليه بالكتابة على الجدار ثم محاولة منع العامل من مسح تلك الكتابة ولما كان الأمر على نحو ماسبق فإن ماقضت به المحكمة الإبتدائية في حق المستأنف أحمد عمر أمعبد العبادي...إلخ))وقد أعدت إيراد الحكم الذي كان أحد قضاته جنوبياً لإفهام الواقعة لمن لايعلم تفاصيلها ويصدق أن المرقشي مناضل وأسير سياسي كما يردد.

ماأشعل موضوع المرقشي يوم أمس هو مايتردد عن صدور حكم المحكمة العليا بتأييد الحكم الإستئنافي والإبتدائي بإعدام المرقشي في حين أن والد المجني عليه الشهيد صلاح المصري لم يعلم بالحكم ولايعلم حقيقة ماأصدرته المحكمة العليا وكان بيان صادر عن قبائل عنس (قبيلة الشهيد صلاح) صادر بتاريخ 14يناير2014م قد أشار إلى أن المحكمة العليا أعادت ملف القضية مجدداً إلى محكمة استئناف الأمانة ولم يحصل والد الشهيد على نسخة الحكم الأخير لمعرفة منطوقه بالضبط.

أحمد المرقشي من محافظة أبين محافظة الرئيس عبدربه منصور هادي ولذلك لابد أن يتم معاملة المرقشي وفقاً للمنطق المناطقي وليس وفقاً للمنطق الإجرامي كقاتل حوكم وأستنفذ وسائل الدفاع أمام 3درجات محاكمة لسنوات وعجزعن إقناع أي قاضٍ بإنه برئ.
يوم أمس كان خطيب جمعة شارع المعلا وعلى الهواء مباشرة في قناة عدن لايف يؤكد ((أن سكوت الجنوبيون على حكم إعدام الأسير المرقشي سيجعلهم جميعاً عرضة لأحكام الإعدام من قبل الدولة اليمنية التي تحتل الجنوب العربي)) ولا أحتاج أن أقف كثيراً على مثل هكذا خطاب ديني يحرض على عدم قبول أحكام القضاء ضد القتلة!!!.

لايمتلك الخطاب الإعلامي لمن يحلمون بالاستيلاء على السلطة مجدداً كما كانوا في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية سوى الكذب وإيهام صغار السن ممن ولدوا بعد 1990م بإنهم مظلومين وأنهم مضطهدين وأن أبناء الجنوب كلهم مناضلين وثوار وأسرى ولم يبقى سوى القول أن كل أبناء الجنوب سيدخلون الجنة وأنهم لايخطئون ولايرتكبون أي جريمة لإنهم من الجنوب العربي(التسمية الجديدة لدولة حكام ذكريات القتل بالهوية في 13يناير) .

التعاطي مع القضاء من قبل أولئك القوم يتم بشكلين مختلفين فحكم المحكمة العليا لجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية في عدن بتاريخ 12/12/1987م في القضية الجنائية رقم 3لعام 1986م ضد المتهمين علي ناصر محمد و137شخصاً أخر من بينهم محمد علي أحمد(رقم6) وعبدربه منصور هادي (رقم 9في الحكم) وحسن أحمد باعوم (رقم 19من المتهمين في الحكم) هو ليس أكثر من موضوع قد انتهى بالتصالح والتسامح ولايجوز حتى الإقتراب منه نهائياً وكل الأسماء التي ذكرت في ذلك الحكم صارت من المناضلين كالمناضل علي ناصر محمد والمناضل أبوبكر باذيب والمناضل أنيس حسن يحيى والمناضل أحمد مساعد حسين والمناضل محمد علي أحمد والمناضل أحمد عبدالله الحسني والمناضل عبدربه منصور هادي والمناضل الزعيم حسن باعوم الخ.
ولإن كل مجرم قاتل أو مفجرأو تاجر سلاح أوتاجر مخدرات حين يقرر إعلام نظام عبدربه منصور هادي المتعاطف مع حكام دولة الجنوب العربي المراد إستعادتها هو مناضل وحر ومحسن وأسيرفي حال كان مسجوناً على جريمته، كان لابد من تسمية قاتل محكوم عليه بالإعدام مناضلاً أيضاً .

حين يسكت الشماليون على جريمة يتحول موضوع المرقشي القاتل لطفل أعزل إلى إحدى النقاط الأحد عشر التي أشترطها فريق القضية الجنوبية للتهيئة في بداية مؤتمر الحوار وصار موضوع قاتل لطفل دليلاً أخلاقياً على المستوى الذي وصل إليه مناضلو الجنوب ودليلاً عملياً على حقيقة قضيتهم التي يسمونها ليلاً ونهاراً (القضية الجنوبية) فقد نصت الفقرة 7من النقاط الإحدى عشر على ((إصدار التوجيهات العاجلة لوزير المالية بدفع كافة المستحقات والتعويضات لمؤسسة الأيام وتعويضها التعويض العادل لما لحق بها من أضرار مادية ومعنوية لكي تتمكن من الصدور وإطلاق سراح حارسها في صنعاء أحمد عمر العبادي المرقشي))) وحين يطالب أعضاء الحوار بتنفيذ مثل هكذا نقطة تتضمن المساس بأحكام قضائية ضد مجرم فيمكن إذاً التأكد ماهي المعجزة التي أستمرت 10 أشهر بداخل الموفنبيك ومن هم ممثلوا الشعب الحريصون على بناء الدولة المدنية الجديدة دولة القانون واحترامه !!...

للجميع المقارنة بين مايلي : الدولة المدنية الحديثة التي يبنيها عبدربه منصور هادي تتعامى عن قضية مقتل رجل الأعمال الشهيد خالد محمد شارب في عدن على يد الجنوبيين رغم صدور أحكام قضائية من قضاة جنوبيين لمصلحة الشهيد شارب ولاتقوم بأي محاولة للقبض على القتلة ولاتحرك ساكناً منذ سنتين لملاحقة المجرمين الذين يقطعون الطرق ويقتلون الشماليين ويطردون العمال الشماليين البسطاء ويحرقون محلاتهم وبسطاتهم ويقتلون الجنود ويخطفونهم ويفجرون أنابيب النفط في شبوة وحضرموت رداً على مقتل شيخ قبلي في مناطق يقال أنها تمثل المدنية منذ الستينات وتعتبر كل مايقومون به مجرد إحتقان شعبي لايجوز حتى الرد عليه أو معاقبة مرتكبية، ونفس الدولة المدنية الحديثة توقف جلسات الموفنبيك وتوفد أمين الموفنبيك إلى منزل أمان والخطيب وتطرد شيخ منطقة القتلة من داخل جلسات الموفنبيك لإنه لم يقم بعمل الدولة بالقبض على المتهمين ، وهي نفس الدولة المدنية الحديثة التي تؤسس لإعتبار كل الجرائم التي قام بها المناضلون محمد علي أحمد وعبدربه منصور هادي وحسن باعوم وزمرتهم وجرائم الطغمة علي سالم البيض وحيدر العطاس يوم تم قتل الألاف بالهوية وضرب عدن بصواريخ من البحر مجرد محطات نضالية في تاريخ الجنوب العربي لايجوز حتى شرحها أو تذكيرها للجيل الجديد.

طارق صلاح المصري والد الطفل الشهيد صلاح عمره خمسيني لكنه ومنذ فقدانه لإبنه الوحيد صار مصاباً بكل الأمراض وصار يمشي متكئاً على عصاه ولم أستطع تصديق أنه هو نفس الشخص الذي يعمل موظفاً مستشاراً في مجلس الوزراء ، طارق صلاح المصري فرح بإتصالي به لأخبره أنني أرغب بالكتابة عنه وعن إبنه الوحيد الشهيد صلاح الطفل الوحيد لأبيه بين أخوات إناث ، وحين شاهدته لم أصدق وشعرت أنه في السبعين من عمره لإنه شبه مصاب بجلطه يصعب عليه النطق والحركة منذ واقعة إستشهاد ابنه الوحيد قبل 6سنوات ، يموت صلاح المصري يومياً كمداً وقهراً على ابنه الوحيد ، يبكي وطناً يتحول فيه القاتل المجرم إلى مناضل وأسير وبطل قومي ، يبكي نظاماً سياسياً يريد تعويض القاتل ، يرثي من سمو أنفسهم صناع مستقبل اليمن في الموفنبيك وصناع الدولة المدنية الحديثة دولة القانون الذين طالبوا بتنفيذ النقاط ال31 بل ووقفوا أكثر من وقفة إحتجاجية لأجل الإفراج عن المجرم القاتل لأبنه .
طارق المصري ينعي أمةً حولت القاتل المجرم إلى مناضل وحولت الشهيد إلى مجرم ينبغي أن يمحى من الذاكرة ،وعاقبت أبيه بالإعدام قصاصاً لإنه طالب بمعاقبة قاتل ابنه.