الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٤٦ مساءً

الفيدرالية ليست انفصالا

عارف الدوش
الاربعاء ، ٠١ يناير ٢٠١٤ الساعة ١١:٢٠ صباحاً
هناك اجماع بأن بقاء الوحدة بصيغتها الحالية بات من سابع المستحيلات وهناك قوى ترى في بناء دولة بصيغة جديدة “ فيدرالية “ من اقليمين أو من اربعة او خمسة او ستة ضد مصالحها فأخذت تخلق العراقيل من خلال طرح مقترحات تعجيزية ستؤدي في النهاية الى الفشل ليس لصعوبة تطبيقها وإنما لوجود عوامل فشلها بداخلها فمثلاً هي تري خيار الاقليمين سيمهد للانفصال خاصة إذا اسيء تطبيقه وتنفيذ شروطه

وتلك القوى اعتادت منذ زمن طويل على افشال أي مشروع او شكل نظام أو توجه حكم اوحاكم سيؤدي الى بناء دولة. تلك القوى مشكلتها وأزمتها الكبرى مع مشاريع بناء الدولة.. فبعد قيام ثورة 26 سبتمبر مثلاً تم افشال مشروع بناء دولة و محاولات جادة لبناء دولة في منتصف السبعينات “ فترة الحمدي “ جرى إفشالها ومشروع بناء يمن جديد ودولة جديدة على انقاض الدولتين السابقتين.

بتحقيق الوحدة تم افشاله والسبب الاستئثار بالسلطة والثروة التي لا يتحقق لتلك القوى إلا بمركزية السلطة وعسكرة الحياة والتحشيد القبلي والمناطقي لحماية مشروع الحكم القبلي ثم المناطقي ثم العائلي.

وفي تجارب حكم الدولة الهجين أو المسخ تؤدي الممارسة السياسية الاقصائية والحرمان الاقتصادي والانحياز الاجتماعي من قبل النخبة الحاكمة إضافة الى غياب الديمقراطية أو ممارساتها الشكلية التي لا تعيد إلا انتاج نفس السلطة بشخوص مختلفة تؤدي الى توليد نزعات انفصالية وتكثر العوامل المولدة للانفصال ثم التمردات وانهيار الدولة فيما بعد ذلك ونحن نشاهد ذلك في المحافظات الجنوبية بشكل واضح منذ ما بعد حرب صيف 94م

اما حضور الدولة المدنية الديمقراطية بتعددية اقاليمها فمن شأنه تعزيز المسار الاندماجي للبنية الاجتماعية وللوحدة الوطنية في آن واحد والاقاليم لها هوية محلية وهوية وطنية ايضاً فلا خوف من الفيدرالية إذا طبقت بشكل صحيح من خلال جعل الهويات المحلية مندمجة في هوية وطنية عامة ومشترك سياسي وطني.

والقوى الفاعلة كمؤسسات سياسية واحزاب ومنظمات مجتمع مدني سيكون لها الغلبة في مؤسسات الحكم في الأقاليم “ برلمانات اقليمية وحكومات اقليمية “ وحتى اشكال مؤسسية على مستوى الولايات أو المحافظات أو البلديات أو المدن بحسب التسمية التي سيتفق عليها وهنا تعمل الفيدرالية والدولة الاتحادية على تحقيق مزيد من الاندماج الاجتماعي والوطني ولا تصبح بالمطلق اداة للتمزق والتشظي والإنفصال .

والقوى الممانعة للتغيير التي تخشى على مصالحها تعتبر الفيدرالية خصمها وعدوها اللدود كونها ستؤدي الى تحجيم نفوذ وهيمنة الرموز القبلية- المشيخية لأن المشاركة السياسية في الاقاليم تتسع في مجالاتها وفي إعداد الافراد رجالا ونساء شبابا وشيوخاً ولا يمكن احتكار الترشح في عضوية المجالس المنتخبة من مراكز القوى بل يظهر الشباب والمرأة والاحزاب الصغيرة ونشطاء منظمات المجتمع المدني وهذه المشاركة تنمي عادات وقيم العمل الجماعي والمساءلة والرقابة الادارية والمالية باختصار تكون رقابة المجتمعات المحلية على حكوماتها المحلية وتعلم ومعرفة قواعد العمل السياسي والادارة السياسية.

ويقول خبراء الإجتماع وأنظمة الحكم أنه كلما تزايدت معدلات المشاركة السياسية في الاقاليم وعلى المستوى المركزي تنخفض حدة النزاعات والتوترات بين السكان وبين الوحدات او الاقاليم ، وطبقاً للدكتور فؤاد الصلاحي الأستاذ بجامعة صنعاء فإن المشاركة تخلق روح التنافس بين الافراد وبين الوحدات او الاقاليم في مجالات التنمية والادارة كما في مجالات بناء قدرات الافراد وقدرات الوحدات المحلية.

كما ان حكومات الاقاليم تخلق توازناً مع الحكومة المركزية وتمنع الهيمنة والتسلط من قبل حكومات المركز او حتى محاولاتها في هذا الجانب وقبل الانفجار والتشظي الحقيقي التي تجرنا إليه “ شبه الدولة الهجين” المتزاوجة مع اشكال ما قبل الدولة فإنه حان الوقت لتفكيك البنى التقليدية العصبوية التي يراد لها ان تنتشر في محاضن الممارسة المدنية “ تعز – عدن –حضرموت “ وتقليل دور البنى القبلية التقليدية التي تضع القبيلة مكان الدولة والشيخ مكان مؤسسات الدولة لصالح عامة الافراد خاصة الشباب والمرأة والمهمشين ومن ثم تأسيس حضور فاعل للمؤسسات التنموية والادارية والسياسية.

و الخائفون من الفيدرالية إنما هم خائفون على مصالحهم التي تكونت في غفلة من الزمن.. أما المتواجدون في شكل قوى سياسية مؤسسية “ احزاب وتنظيمات سياسية” الإشتراكي والإصلاح والتنظيم الناصري والمؤتمر الشعبي فهم سيتواجدون في برلمانات وحكومات الأقاليم بحسب تواجدهم ونشاطهم وخدمتهم لأبناء الأقاليم.

وأخيراً: وفي ظل ما يطلق عليه “ العولمة” وتطور التقنية السريع وسرعة التواصل والترابط بين مكونات العالم فنحن امام مواطنة عالمية وهنا تصبح التخوفات من هويات محلية ترفض التعدد محض خداع ومغالطة للنفس ليس إلا .