الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٤٦ مساءً

هادي شوكة الميزان

د. عبدالله أبو الغيث
الثلاثاء ، ١٠ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
يتبقى قرابة خمسة أشهر على انتهاء الفترة الانتقالية التي حددتها المبادرة الخليجية، وكلما اقتربنا من خط النهاية يشتد الجدل بين أطراف اللعبة السياسية في اليمن حول التمديد للرئيس هادي.

ورغم إن الرؤى التي قدمتها الأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار اتجهت في معظمها عند حديثها عن نظام الحكم صوب النظام البرلماني، إلا أننا نجد التفاهمات داخل هيئة رئاسة مؤتمر الحوار ولجنة التوفيق فيه بدأت تميل نحو خيار النظام الرئاسي.

ويتضح جلياً أن ذلك التحول ينسجم مع توجهات القوى الراعية للحوار اليمني (الإقليمية منها والدولية) التي ترى أن إيجاد نظام رئاسي في اليمن يضمن مصالحها أكثر من النظام البرلماني، وذلك بغض النظر عمن يكون الرئيس القادم هادي أو غيره.

فالنظام الرئاسي يسهل على القوى الإقليمية والدولية ذات النفوذ في اليمن مهمة إحكام قبضتها على البلد عن طريق التعامل مع شخص رئيس الجمهورية، والاتفاق على تفاهمات معه سواء في مباحثات رسمية معلنة أو داخل غرف مغلقة تبقى طي الكتمان.

وذلك بعكس الحكومة البرلمانية التي يكون قرارها جماعياً خاضعاً لرقابة البرلمان، الأمر الذي يصعب على القوى الخارجية النافذة في اليمن عملية تمرير مصالحاها بسهولة حتى إن تشكلت الحكومة من حزب واحد، علماً بأن ذلك لن يتسنى لأي من الأحزاب اليمنية على الأقل في المدى المنظور.

ذلك أن الأحداث التي تمر بها دول الربيع العربي الأخرى (مصر، تونس، ليبيا) تؤكد أننا في اليمن سنكون بأمس الحاجة لاستمرار المرحلة التوافقية عن طريق الدخول في مرحلة انتقالية جديدة يتم التفاهم عليها؛ نكمل من خلالها ما بدأناه خلال المرحلة الانتقالية الأولى، ونرسي من خلالها مخرجات مؤتمر الحوار على أرض الواقع.

ولا يخفى بأن العوامل التي جعلت الأطراف المختلفة ذات الصلة بالشأن اليمني (المحلية والإقليمية والدولية) تتفق على عبد ربه هادي رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية الأولى مازالت في معظمها قائمة وربما أكبر من ذي قبل، خصوصاً بعد التحولات التي تشهدها المنطقة العربية انعكاساً للأوضاع السياسية في القطر المصري.

ولم يكن غريباً أن تأتي المعارضة للتمديد للرئيس هادي من داخل حزبه (المؤتمر الشعبي العام)، ذلك أن الأحداث التي شهدتها مصر ونتج عنها عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي وفتح باب السجون والمعتقلات لأنصاره – خصوصاً من الإخوان المسلمين – جعلت الرئيس اليمني السابق صالح وأنصاره داخل حزب المؤتمر وخارجه يعتقدون أن بمقدورهم تكرار التجربة المصرية في اليمن.

وليس صحيحاً ما يقدمونه من تبريرات لرفض التمديد لهادي بقولهم أن هادي يعمل على إزاحة القيادات المؤتمرية من المواقع الإدارية للدولة، لأن ذلك من الطبيعي أن يحدث، نظراً لأن المؤتمر قبل الثورة الشعبية كان قد صفى القيادات المنتمية للتيارات السياسية الأخرى من المواقع الإدارية المختلفة، وهو ما يجعل معظم التعيينات الجديدة تأتي من تلك الأطراف المقصية.

ويدرك المحللون من ذوي النظرة الثاقبة أن تكرار السيناريو المصري في اليمن أمر بعيد المنال، لأسباب عدة منها التركيبة المسلحة للمجتمع اليمني، والتوازنات المختلفة التي تتحكم في تشكيل السلطة الحاكمة في اليمن، إلى جانب غياب التفاوت في مضمون الحياة الاجتماعية بين المنتمين للتيارات الإسلامية في اليمن وغيرهم من المنتمين للتيارات الأخرى، نظراً للطبيعة المحافظة التي تتحكم بحياة المواطن اليمني وتوحدها بغض النظر عن انتمائه السياسي، وذلك بعكس المجتمع المصري والتونسي مثلاً.

وتدرك القوى الإقليمية والدولية جيداً كل تلك العوامل التي تتحكم وتدير مقاليد الأمور في اليمن، وتعرف أن القفز عليها سيكون بمثابة خطوة غير مأمونة العواقب ستودي باليمن صوب المجهول، وذلك يجعلها تلجم طموحات الأطراف المتهورة التي تنطلق من زاوية ضيقة في تفكيرها من غير التفات إلى آثارها المصاحبة.

كل ذلك يجعلنا نقول بأن مصلحة الأطراف المختلفة ستتجه صوب منح الرئيس هادي فترة رئاسية جديدة؛ سواء تمثل ذلك بتمديد الفترة الانتقالية الحالية، أو بمنحه فترة رئاسية دستورية مدتها خمس سنوات، يكون الهدف منها تأهيل اليمن ليصبح قادراً على صنع سلطاته عبر التنافس الديمقراطي الشريف بواسطة الاحتكام لصناديق الاقتراع.

يبقى أمامنا سؤال أخير عن مدى موافقة القوى السياسية الأخرى من غير حزب المؤتمر وحلفائه على التمديد للرئيس هادي وعلى رأسها أحزاب المشترك وقوى الحراك الجنوبي، والإجابة تقول بأن تلك الأطراف مجتمعة أو منفردة سيصعب عليها التوافق على شخص غير هادي في المرحلة الراهنة، ما سيجعلها تتجه صوب ترشيح هادي، وهو ما سيذهب إليه أيضاً المؤتمر الشعبي في نهاية المطاف تحت ضغط الأطراف الخارجية.
مصيبتنا تكمن في حرف ألف
"(أنا أو أنت = خطأ) (أنا وأنت = صح).. مصيبة الوطن والأمة تكمن في حرف ألف".. هذا مضمون رسالة تلفونية كنت قد بعثت بها في إحدى الجُمع للعديد من أصدقائي وزملائي ومعاريفي، وهو ما أعيد التأكيد عليه هنا.. نعم فمصيبتنا في إطار الأمة العربية والإسلامية ومنها اليمن بطبيعة الحال تكمن بعدم قدرتنا على حذف (أو) في عملنا من أجل أوطاننا وأمتنا لتحويلها إلى حرف عطف (و).

(أو) هنا تعني الإقصاء والضيق بالآخر وعدم الاستعداد للعمل المشترك معه، بينما (الواو) تعني التعايش في إطار العمل الجمعي، بحيث نؤسس لشراكة وطنية توزع بشكل عادل السلطات والثروات وفرص العيش الكريم بين كل المواطنين بعيداً عن الادعاءات الزائفة عن أفضلية هذا الطرف أو ذاك.

وذلك ما أدركته الأمم والشعوب المتحضرة من حولنا وكان سر نجاحها.. فهل سيكون بمقدورنا عمل ذلك، أم أن كل طرف سيركب رأسه ويرفع شعار: أنا ومن بعدي الطوفان؟!