السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٥٣ صباحاً

بالأرقام كذبة الأربعين مليون وحبيشي14أكتوبر!

د . عبد الملك الضرعي
الاثنين ، ٢٩ يوليو ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
تمثل المؤشرات الرقمية إحدى القضايا التي يصعب تزويرها ومن يقوم بتزويرها يستغل ضعف الثقافية الإحصائية لدى السكان ، لم أكن أود الخوض في هذا الموِضوع كونه شأناً مصرياً خالصاً ولكني عندما وجدت الكذب يمتد إلى صحيفة يمنية حكومية تمول من الدخل العام للجمهورية اليمنية ، كان من الضروري فضح ذلك التحالف المشبوه بين قوى الأنظمة الاستبدادية الفاسدة التي تحلم بإعادة عجلة التأريخ إلى الخلف.

إن التحالف الذي شكل خلية تدار من عواصم أمراء النفط لإجهاض حق الشعوب العربية في التبادل السلمي للسلطة هذا التحالف المشبوه يستخدم اليوم مختلف أشكال الخداع والتضليل والتزوير تعاونه آلة إعلامية كبرى وتمويل مالي وسياسي مفتوح ، للأسف لم نكتشف من وقت مبكر تماديهم في الكذب على شعوبهم منذ عقود ، لقد كنا نتوقع أن حدودهم تنتهي عند نهب المال العام واحتكار السلطة ، ولكن الأيام تكشف أنه لوبي منزوع القيم يمارس الكذب مستغلاً حالة الأمية العالية في المجتمعات العربية.

على كل حال بعيداً عن حكاية الإخوان ورابعة ، كاتب هذه الأسطر لا ينتمي لأي توجه فكري أو سياسي ، ولكن كمواطن عربي يدرك ما حققته تجربة الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة في البلدان الغربية ، مقابل الخسائر الفادحة لأنظمة الاستبداد العربية ، لذا يصبح من الضروري كشف الحقائق حتى لا يستمر تزييف الوعي العربي.

باختصار وخلاصة الكذبة تبينها بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بجمهورية مصر العربية الشقيقة ومتاحة على الإنترنت وليست سر ، أما الجانب الثاني من الكذبة فتكشفه مساحة ميدان التحرير وشارع الاتحادية ويمكن إيضاح ذلك كما يلي :
أولاً/عدد سكان جمهورية مصر العربية حوالي(82)مليون نسمة نصفهم من الذكور والنصف اآخر تقريباً من الإناث ، من هؤلاء حوالي(31%)دون سن الرابعة عشر وحوالي(7%) فوق (60سنة) يصبح كبار السن والصغار(38%) وهؤلاء يمثلون حوالي(31.2)مليون نسمة ، وبالتالي يصبح مجموع السكان للفئة العمرية(15-60)حوالي(50.8)مليون نسمة منهم الفئات الشابة (25-49سنة)34% أي من إجمالي الشعب كله (27.9مليون فرد) وهؤلاء المفترض أن يكونوا عمود المسيرات ، أما المؤشر الثاني فهو التركيب الريفي الحضري سكان الحضر فقط (43%) أي حوالي(35.3مليون)نسمة وفي الريف (57%)أي حوالي(46.7)مليون نسمة.

تحليل الكذبة من منظور سكاني وفعلي من المستحيل ولو بمنطق المجانين أن يحشد كل سكان الحضر أطفال وشباب وكبار ذكور وإناث على مستوى الجمهورية والبالغ فقط(35.3)مليون نسمة ، وفي حال تم حشدهم في المواجهة السياسية من الطرفين افتراضا كم سيكون نصيب كل طرف على مستوى الجمهورية ، إذن فتلك كذبة كبرى لا تساوي قيمة الحبر التي كتبت به ، ويجب أن يستدعى مروجها للمحاكمة لأنه يمارس التضليل وبالأموال العامة...وأترك للقارئ الكريم استخدام الأرقام لاستخراج أي مؤشرات أخرى يدلسون بها على الرأي العام العربي لنهم قد يقولون حشدنا سكان النجوع والترع والأرياف طبعاً إذا أرادوا تسويق الكذبة...نقول لهم الفئة الشابة على مستوى الجمهورية والمؤثرة في المشهد حوالي(27.9مليون نسمة)نصفهم تقريباً من الإناث .

ثانياً/ الجانب المساحي لميدان التحرير بالقاهرة وشارع الاتحادية: مساحة ميدان التحرير بالقاهرة(76)ألف كم مربع ، وللحصول على هذه المساحة المسئلة ليست صعبة ليذهب أحدكم إلى جوجل ويسقطها ، أما شارع الاتحادية فعرضة(35)متر والامتداد المحتمل للتجمهر حوالي حسب بعض المصادر(800)متر، لو بالغنا فيها إلى(1000) متر، وبالتالي نحسبها...ميدان التحرير(76ألف مضروب في4)بافتراض الزحام الشديد 4أفراد في كل مترمربع يصبح العدد المحتمل(304ألف) وللقارئ العودة إلى الصور المنشورة وتقدير عدد الأفراد المحتمل في كل متر وإضافة إن كانت هناك أعداد في الشوارع الفرعية وفي كل الأحوال وبالمنطق الرياضي لن يتجاوز العدد نصف مليون نسمة...ومن له رأي إحصائي أخر فليثبته ، فمساحة الأرض موجودة ولن تتغير أبداً.

أما شارع الاتحادية وبافتراض أيضاً اربعة افراد لكل متر سيصبح العدد(35مضروب في1000=35000مترمضروب عدد الأفراد المحتمل لكل متر4=140ألف فرد)طبعاً بعد افتراض أن جزيرة وسط الشارع مزدحمة ، لاحظوا وضعنا في كل متر أربعة أشخاص ، بمعنى أن العدد مبالغ به إلى أكبر حد ، ومن عنده رأي آخر يثبته فالشارع معلوم المساحة ولو أخذنا صور المحتشدين سنجد أن الطول قد يقل عن كيلومتر، ولكن وضعنا أعلى افتراض ، وبالتالي سيصبح العدد في التحرير والاتحادية (140+304=444ألف )فرد ولو زدنا أعداد أخرى في الشوارع الفرعية من التحرير بالإمكان أن لا يتجاوز العدد نصف مليون ، تذكروا الافتراض(4أفراد في المتر)بينما لو كانت المسافة بين فرد وآخر كبيرة فالأرقام ستكون أقل بكثير، نستغرب من بعض المتشدقين من أدعياء الثقافة، عيب أن تزوروا الحقائق وأنتم تعلمون زيفها ، إلا إذا كنتم بغبغاوات ترددون ما يمليه عليكم زبانية العسكر.

العجيب أنهم زوروا حكاية الثلاثة والثلاثين مليون في 30يونيو ، والآن جاء زيف جديد وأشد افتراء في 26 يوليوب40مليون فرد ، ولو خرجت مسيرات جديدة ربما سيقولون (50)مليون فرد ، وهكذا يستمر استغفال العامة ، ذلك يبين أنهم لا يستحون ، هؤلاء هم سحرة فراعنة القرن الواحد والعشرين.

أخيراً يتبين أن حكاية عشرات الملايين وأن صدرت عن وسائل إعلام أجنبية فهي خيال يصدره مطبخ مخابراتي يستغل معدلات الأمية العالية في الوطن العربي ، ويستغل ذلك الجهل لدى النخبة التي تدعي أنها مثقفة ، ويستغل أبواق الإعلام التي تتكلم بدون تفكير، فتستخدم كأبواق لا تسمع ولا ترى ولا تعقل.