الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:١٠ صباحاً

الاجتماع السري لمرسي!

د. عبدالله أبو الغيث
الاربعاء ، ١٢ يونيو ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
ما زالت الأصداء تتداعى في الفضائيات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي على الاجتماع السري الذي عقده الرئيس المصري محمد مرسي مع مجموعة من القيادات السياسية والمجتمعية المصرية لتدول سبل الرد الممكنة على مشروع سد النهضة الأثيوبي.

حيث دعيت تلك القيادات إلى اجتماع مع الرئيس قيل لهم إنه اجتماع سري حسب تصريحات الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد المشارك في الاجتماع، وكان واضحاً من خلال المداخلات التي طرحت في الاجتماع وكذلك من خلال تعليقات الرئيس عليها بأن الجميع يتعامل مع اجتماع سري.

لكن لا أحد يدري كيف ولماذا تم إذاعة التفاصيل الكاملة لذلك الاجتماع عبر الفضائيات، وسيان إن تم عمل ذلك بعلم الرئيس وإذنه أو بدون علمه وإذنه، فنحن أمام فضيحة بكل المقاييس لا مجال لتغطيتها وتسويغها.

أما التبريرات التي حاولت بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحاكم في مصر تقديمها وربط الموضوع بالشفافية التي تطالب بها المعارضة فأقل ما يقال فيها بأنها عذر أقبح من ذنب، فلو تعاملت الدول الديمقراطية المعروفة مع الشفافية بهذه الطريقة لكانت قد انهارت وأصبحت أثر بعد عين.

نقول ذلك مع إدراكنا بأن تلك التبريرات المتلفعة بالشفافية كانت تهدف لمدارات الفضيحة السياسية والتخفيف من تأثيراتها وانعكاساتها على مستقبل الحياة السياسية للرئيس مرسي وحكومته وجماعته وحزبه، لأن ما حدث كان موقف ساذج بكل ما تعنيه الكلمة لا علاقة له بمبدأ الشفافية.

نعم الشفافية مطلوبة، والمعارضة تضغط باتجاهها، لكن الشفافية إنما تتم في المواضيع التي تختلف بشأنها وجهات نظر القوى السياسية بتياراتها المتعددة ولا تشكل مناقشتها بصورة علنية خطر على الأمن القومي للدولة، أما السياسة الخارجية وغيرها من القضايا الاستراتيجية التي يشكل معرفة تفاصيلها خطر على الدولة وسلطاتها فمن الطبيعي أن تتم مناقشتها داخل الغرف المغلقة.

ومن خلال وقوفنا أمام هذه القضية وغيرها من القضايا التي تعاملت معها حكومات دول الربيع العربي التي سيطرت عليها الجماعات الإسلامية بأحزابها السياسية، نستطيع القول أن تلك الجماعات التي نقلتها الثورات من تحت الأرض إلى فوق كراسي السلطة ما زالت عاجزة عن تكييف نفسها مع أوضاعها الجديدة.

فأكثر قياداتها ما يزالون غير قادرين على التفريق بين خطبة وموعظة تقال في الجامع، وبين خطاب سياسي ينبني على استراتيجيات بعيدة المدى، وأصبح لزاماً عليها من اليوم وصاعداً أن تدرك أن العمل في إطار جماعة دعوية أو جمعية خيرية يفرق كثيراً عن العمل في حزب سياسي يعمل في مجتمع ديمقراطي ويرشح نفسه للحكم أو صار حاكماً بالفعل.
فهذه الجماعات خلال مرحلة عملها السري لم تكن بحاجة لقيادات سياسية متعددة ومتنوعة، ما جعلها تضع معايير شديدة التعقيد لترقية أعضائها، وحصرتها في دائرة ضيقة مع ربطها بدرجة أساسية بجوانب دعوية كانت تتناسب مع مرحلتها تلك، لكن تلك المعايير لم تعد قادرة على تكييف هذه الجماعات والأحزاب مع أوضاعها الحالية بمعطياتها الجديدة.

وذلك يجعلنا نقول بأن الجماعات والتنظيمات السياسية التي تعمل وفقاً للمرجعية الإسلامية باتت بحاجة لمراجعة شاملة وكاملة للتنظيمات واللوائح التي كانت تنظم عملها في المراحل السابقة، بحيث تكون غايتها الدفع بقيادات سياسية وإدارية جديدة ومتعددة إلى الواجهة، تتسلح بالتخصص والخبرة والتدريب الذي يجب أن تفتح أبوابه أمام كوادر تلك الأحزاب وشبابها.

وسيحتم ذلك عليها التخلي عن قاعدتها الأثيرة بتقريب وترفيع أهل الثقة المقربين من قيادتها حتى وإن لم يمتلكوا قدرات العمل السياسي والإداري، وهي قاعدة عمل عقيمة تحصر طاقة عمل تلك الأحزاب بنسبة لا تتجاوز بأي حال من الأحوال 10% من طاقتها البشرية إن لم تقل عن ذلك بكثير.

قد يقول قائل بأن العمل الدعوي والخيري هو الذي يوفر الحشود الجماهرية للأحزاب الإسلامية وغيرها، ونحن لا نطالبهم هنا بتركه، لكننا نطالب بحصره في جمعيات ومنظمات تتخصص في تلك الأمور، بينما تتفرغ الأحزاب بهيئاتها وقياداتها وكوادرها للعمل السياسي، فتلك مهمتها الأولى والرئيسية.

ولا يخفى بأن حديثنا هنا لا ينحصر في جماعة الإخوان المسلمين في مصر وحزبها (الحرية والعدالة) لكنه يتعداهم إلى غيرهم من الجماعات والأحزاب الإسلامية في مصر وغيرها من الأقطار العربية، مثل تونس والمغرب وليبيا واليمن وسوريا والسودان والأردن وغيرها من الأقطار العربية.. والله من وراء القصد.