الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٤٠ مساءً

ناسجات التريكو

محمد أحمد أبواصبع
الاثنين ، ١٠ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
لا شيء يبين أن هناك ثورة حصلت في هذه البلاد. لم يتغير شيء على الإطلاق, لم أجد شابا وشابة يحتضنان عشقهما ويجتازان الواقع الاجتماعي وملء عيونهما ابتسامة. لم أرى كهلاً(زربوي) يرقص وينفض عن جسده الألم, أو شابة تثور على قوامة الرجل, الرجل في البيت وفي الحي وفي الكلية وانتهاء برجال الأرصفة المعسرة, وما أكثر الأرصفة المعسرة التي تكشفت لنا خيبة تلو خيبه.

في نقاش قريب مع صديقة حاولت ان تصور المرأة اليمنية على أنها قد امتلكت خياراتها وأنتجت بدائلها من خلال نضالها للحصول على حريتها .. حريتها في أن تكون إنسان لا مجرد خيمة سوداء تتحرك وهي مدججة بالوصايا والمحاذير ومحروسة بالذكورة الصارمة التي لا تتوقف حتى عن رصد أنفاسها..!

وبعد ربع ساعة من النقاش كانت في نفس المكان شاعره تسترق النظر إلى العالم من خلف برقع, وهي تقرأ نصاً شعرياً وُسمَ بالحداثة , تتغني فيه بالحرية, وتحملق في الحاضرين وكأنها تفتش عن ملامح تشابهها بين براقع عديدة ووجوه مدموغة بالصرامة وإدعاء الإعجاب.. في ذلك اليوم أدركت كم أن المثقفون أكثر قدرة على النفاق من غيرهم .! بعد انتهاء الفعالية فكرت أن أساءل الصديقة عن مدى إمكانية أن أجد ملامح تشبهها بين الحاضرين, لكني لمست فجاجة السؤال ومقدار ما قد يحدثه من شرخ في صداقتنا فتراجعت. أظنها ستدرك ذلك في هذا المقال وإذا حصل فإن عليها وقتها أن تجيب عن فجاجتي بنفس مقدر الحرية الممنوحة لها في هذا المجتمع.!!

على أي حال فأني أكتب في هذا المقال صرامة المجتمع فيما يتعلق بنظرته للمرأة كوجود لم يتحرر من الغياب بعد, ومازال يتعاطى معه وفق مخطوطات تجاوزتها الأخلاق الإنسانية وطواها العقل البشري. وهذا لا يعني باني أود أن أعد من المنادين بحرية المرأة, إذا لا يمكن أن يكون الرجل هو من يمنح الحرية للمرأة وهذا ما أكدته الروائية الفرنسية فرانسواز ساجان التي قالت للمرأة الشرقية :

" أيتها المرأة الشرقية إن الذين ينادون باسمك ويدعون إلى مساواتك بالرجل إنما يضحكون عليك، فقد ضحكوا علينا من قبلك."

ساجان إبنة باريس وهي من نسق مدام ديفارج إحدى شخصيات رواية قصة مدينتين لـ شارلز ديكنز.. مدام ديفارج التي كانت تنسج الأكفان بإبرتان طويلتين لنسج التريكو وسط حلمها الثوري بسقوط سجن الباستيل كبداية لتحصل المرأة على حقوقها السياسية والاجتماعية وهذا ما لم تحصل عليه المرأة الفرنسية إلا بعد سنوات من نضالها وحفر وجودها في عقل الرجل. وهذا ما يتوجب على المرأة اليمنية أن تعنى به. أن تناضل لتجد نفسها جنباً إلى جنب مع الرجل.. نعم على المرأة أن تنتزع حقوقها وهذا ما أكدتهُ لحبيبتي في أكثر من مرة "عليك أن تواجهي الواقع الاجتماعي وتنتصري لحبنا"..!