السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٠٩ صباحاً

حمامة السلام تشطح مجددا

هاني غيلان
السبت ، ٢٥ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
كم تذهلني في كل مرة تتمخض فيها علنا لتلد فأرا أخرقا دميم الخلقة وسط تهليل وتصفيق وهتاف الكثيرين وكم اندهش وأتسَمَر في كل مرة وأنا أرى تلك المتعجرفة إبنة الثلاثين سنة التي لا تفقه شيئا كيف غدت بطلة خارقة من رموز الثورة وهاماتها العظيمة ومن الملائكة المقربين المنزهين حسب قول أحدهم ولكن فيم العجب فيبدو أننا في آخر الزمان الذي حذر منه النبي (ص) بأنه سيأتي على الناس سنوات خدّاعات ينطق فيها (الرويبضة).

لست بصدد الدفاع عن أحد أو النيل من أحد ولست من أتباع الرئيس السابق حتى اتهم في نواياي وبالتحيز والتآمر والحقد ولكني مواطن عادي هتفت للثورة وحلمت بالمستقبل وآمنت بالتغيير لتحسين الأوضاع المزرية والنهوض بالوطن والمواطن وبدولة القانون والعدل والمساواة لا لمجرد استبدال حاكم بآخر أو حزب بحزب من باب أن الحزبية والعمل السياسي من الوسائل المشروعة لخدمة المجتمع وأن السلطة ليست غاية في حد ذاتها وأن الثورة ثورة فكر وأخلاق وقيم وممارسة أولا وأخيرا ولهذا فثقتي الكاملة كانت وستظل أننا جميعا مؤاخذون بـ(حصائد ألسنتنا) وأن حرية الكلمة مسؤولية وأمانة سنسأل عنها أمام الله تعالى ومن هذا المنطلق كان المطلوب والمؤمل أن توجه الانتقادات والإتهامات لمشائخ الفساد والإرهاب الذين نهبوا البلاد والعباد وأهلكوا الحرث والنسل منذ عقود ولا يزالوا ولا داعي لذكر الأسماء فهي معروفة للقاصي والداني ولكن يبدو أن حمامة السلام ظلت طريقها لتشرد بعيدا وتغرد خارج السرب حتى رأيناها تصب جام غضبها ونقمتها على محافظ تعز المسكين المبادر المتحمس لتطوير المحافظة ثم أمين العاصمة المعروف بنزاهته وإخلاصه وحسن إدارته بلا دليل ولا برهان غير أنهما عملا مع الرئيس السابق فهل كل من تقلد منصبا حكوميا خلال الفترة السابقة يعتبر فاسدا وسارقا ومبهررا ولماذا لا يهاجم وزير الكهرباء مثلا الذي عمل مع صالح لعشرين سنة وشغل عدة مناصب منها وزير للمغتربين ومحافظا لمأرب وقبلها وكيلا لوزارة الداخلية
لماذا لا يضرب لنا صالح سميع المثل والقدوة الحسنة فيكشف عن أملاكه وثروته (ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى) إن كنا نريد مصلحة البلاد وصادقين في مطالبنا بالثورة والتغيير فعلينا أن نتحرر من التعصب الحزبي الذي أعمى العقول وضيق الصدور وأعاقنا عن التفكير المنطقي وصولا لرؤية الحقيقة كما هي لا كما نريدها أن تكون وهو ما يثير استفهامات عديدة جديرة بالتأمل عن الدافع الحقيقي لتلك الهجمة الغير مبررة وهل تحقيق المكاسب السياسية والحزبية يعد مسوغا للتكشير عن الأنياب والإنحراف عن المسار والتنازل عن الأخلاق والمبادئ والمثل الوطنية والدينية.

مشكلتنا أننا دائما ما نشخصن القضايا ونتوه في الدهاليز ونصرف طاقاتنا في سفاسف الأمور فليس في مصلحة أحد ان ننساق جميعا لمعارك خاسرة يشنها بعض هواة الإثارة وعاشقوا الأضواء ويتحمس لها البقية والأتباع بدافع التعصب بدلا من الانشغال بالمشاكل والهموم الوطنية الكبرى فالبلد شبه مفككك والحكومة عاجزة حتى عن توفير الكهرباء وإيقاف تهريب شحنات السلاح وعصابات الجريمة تسرح وتمرح والمتاجرة بالأطفال والأعضاء البشرية تزداد ومعاناة المغتربين تتفاقم ولا أحد يهتم بينما يستغرق مثقفونا في معارك دينكشوتية لا طائل منها في ظاهرة تستحق المتابعة والرصد لتكرار أحداثها التي تشابهت في المضمون والملابسات وتباينت في الدراما والشخوص وتعكس الحال المزري الذي وصلت إليه النخب اليوم ككل عصور التيه والإنحطاط عندما تستبد الحيرة وتحكم الأهواء وتشتد ظلمة الليل وحلكته وإذا كان هذا حال النخب فقس على ذلك حال بقية العوام.