الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣٣ صباحاً

نسيان الوحدة

بندر الحميري
الخميس ، ٢٣ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
قبل أكثر من عامين كان آخر عهدي بجنوب الوطن عندما كنت في زيارة خاصة لإحدى مدن جنوب الوطن الحبيب جلست مع بعض أبناء تلك المدينة عن قرب عايشتهم كأحد إخوانهم وجدت فيهم الضمير الحي والعمل المرتب المدروس بعيدا عن العشوائية والمزاجية.

لا أخفيكم إني ارتحت كثيرا لالتزامهم بالنظام الذاتي ولتماسك مجتمعاتهم , وتمسكها بالقيم والأعراف والأسلاف,
قررت الرحيل من تلك المدينة وكانت قد تكونت صداقات وعلاقات طيبة مع بعض أبناء تلك المدينة مما جعلني اشعر بألم لفراقهم وأحسست بشعور مبادل منهم. وكان الفراق وبقي الوفاء والتواصل حتى يومنا هذا.

لكني لا أزال أتذكر ذلك اليوم ــ قبل سفري عنهم ــ الذي كنت اسمع فيه وهم يقولون لي بكل ود وحب أين ستذهب ؟ إلي اليمن ؟

ستعود إلى اليمن ؟اجلس عندنا لا تذهب اليمن ؟

كانوا يقولوها لي وهم جادون صادقون وكانت ترتسم على علامات التعجب العريضة من هكذا مقال يمنعني خصوصية الوقت مصارحتهم ومجادلتهم مما جعلني أفضل الكتم لأكتشف بعدها أنها عقيدة ترسخت في أذهانهم أوقل ثقافة سائدة أننا في الشمال " يمن " وهم في الجنوب " عدن " لم أكن أعلم أن اليمن كانت جزأين إلا في حالتين :ــ عند استماعي لخطابات المخلوع أو استماعي لبعض أشخاص ينتمون للجنوب ولا تكاد تسمعها من أي مواطن شمالي أبدا لأن رجوع الشيء إلى أصله لا يثير الإستغراب أونقله وروايته وجعله حديثا ملفتا فلو قلت أن شخصا سلـَّم على أبيه وقبله على رأسه فهل مثل هكذا كلام يستحق أن يروى أو يُدرّس !

ولولبس شخص بدلة عادية وخرج الى سوق في مدينته هل مثل هكذا كلام يصلح ان ينشر وتعمل له ذكرى !

الوحدة ليست ملكا لشلة اقعدها الحر والأنس في أفياء مدينة المنصورة , حتى تنفيها من الوجود .

ولا هي حكرا على أصحاب ميدان التحرير حتى يرقصوا كرقص الذئاب في زريبة الخراف.

فلا اصحاب التحرير الجائعة بطونهم الى كل رطب ويابس. ولا أصحاب المنصورة العاطشة أكبادهم الى ماء البحر الأجاج .فلا هؤلاء ولا هؤلاء. ليسو مخولين ولا مؤهلين للحديث عن الوحدة,
إنني لأعجب من أولئك الذين يتحدثون عن الوحدة والوحدة والوحدة وهي أمر كان يجب نسيانه تماما ولكنهم خلقوا لنا مشاكل من كثر ذكرها , لم تكن تسمع من أي مواطن في الشمال أي كلام عن الوحدة بعكس بعض مواطني الجنوب " والمخلوع " يتحدثون عن الوحدة سلبا كان أو إيجابا كان من المفروض أن كلمة وحدة تنتهي لتبقى وكان يجب أن يعيش جيل الوحدة دون إشعاره بأننا كنا منقسمين على بعض حتى لا يسخر منا ويعتب علينا لا أن نتشدق بالوحدة وأننا أنجزناها ـ ولا أن نعتبر الوحدة إثما ارتكبناه فوجب علينا التوبة منه كما يتوهمه كثير من المذنبين في حق الوطن عموما والجنوب خصوصا.