الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤٤ مساءً

الأستاذ سمير ،،، ورحلة السندباد ( 14 )

عباس القاضي
الاثنين ، ٢٨ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
هاهم يطلون على القرية المضيفة ، وقد سبقهم التلاميذ لأشعارهم بمقدمهم، كان في استقبالهم رب البيت ومعه أحد الوجهاء ، حتى يساعده في مؤانسة ضيوفه .

وقبل أن يدخلوا ، نظر الأستاذ سليم من طرف خفي إلى ما وراء المطبخ ، ليرى آثار المرق المهرق ،،، خرجت منه تنهيدة ، لم يدرها سوى زملاؤه.

قدموا الغداء ، وكان الأستاذ سمير ، يراهم يلعقون أصابعهم ، شهية بما يأكلون ، مستغربا ، وصفهم للغداء بكلمات رنانة " مميز ،،، معتبر " الأكل عادي جدا ، بل دون المستوى في نظره ،،، كان الأستاذ سمير يعتقد أنها عصيدة ،،، وبأصبعه يفحص شيئا تشبه الحبيبات ،،، وهي من معيبات العصيد ،،، يتردد عن الأكل بينما الآخرون يأكلون بكل أصابعهم ،،، تجحض لها أعينهم عند البلع ،،، شعر به الوجيه ، الذي استقبلهم مع رب البيت ،،، وقال له : لا تحسبها عصيد ، هذا هريش ،، ردد بعده الأستاذ سمير : اااه ، هريش ، وهو لأول مرة يسمع به ، لكنه بدأ يتعاطى معه ، تعاطي الجائع الذي مرت عليه يوم ونصف دون أكل ، وكان يفرق بين أصبعيه حتى لا يشعر بالحبيبات ، ويقول لنفسه : هذا هريش ، وليس عصيد يا سمير .

أتوا عليه حتى آخره ،، قربوا الحُلْبه ،،، أي السلته ،،، ضحك سمير ،،، قال : لها من اسمها نصيب ،، السلته عندنا فيها من كل شيء يضاف لها الحلبه ،،، أما هذه ، فعلا ، حلبه فقط ، فيها مرق وقطعة صغير من البطاط ، يرطموها بلقمة الخبز ، حتى انتهوا وجفت " الحرضه " وهي ما زالت كما هي ، لكنها منهكة من الارتطام .

همس في أذن الأستاذ سليم قائلا : أكيد سوف يحتفظون بها ليوم غد ،،، قتلنا أبوها من " الدق " ولا تفتت منها شيء ،،، يبدوا أنها " نص نجحه " ،،، كاد الأستاذ سليم أن يفضحهم بضحكة ، تداركها في الأخير ،،، وصاحب البيت يوزع قطع الدجاج لهم ، وكانت كأنها مقسمة بميزان بالعدد وكل واحد يستعد لها بلقمة بيده ، وكانوا بحسب الجوع منهم من يأخذ مزعة بسيطة من اللحم مع لقمة كبيرة ، وبعضهم متوسطة ، أما صاحب البيت والوجيه يأكلونها دون لقمة معللين ، أنهم تناولوا الإفطار متأخرين .

شبعوا تراجعوا إلى الخلف ليستندوا إلى الجدار الذي يفصلهم عنه مخدات نحيفة مغطاة بقطع من الأقمشة ، ليستعدوا إلى الشاي ،،، وفعلا جاء الشاي بكاسات زجاجية ، داخل صحن معدني فيه نتوءات ، لذلك كانت الكاسات ترتطم بـ بعضها ، والشاي يطفح منها .

مع آخر قطرة ،،، قال الأستاذ سليم بالنيابة عنهم : عن إذنكم ،،، فقفلوا عائدين إلى السكن .