الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٦ مساءً

حتى لا يَجف النهر

وجية الصرمي
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
تثبت خبرة التاريخ صحة القول بأن الثورات الناجحة لا تحقق إلا بعض أهدافها، وأن الثورات الفاشلة أيضا تحقق بعضا من أهدافها ، فلا يوجد نجاح مطلق ولا فشل مطلق، بل درجة ما من النجاح أو الفشل يمكن قياسها حسب الأهداف المعلنة ومناط الحكم على التحرك الشعبي إن كان ثورة أم لا ليس فقط كثرة عدد المواطنين المشاركين بها فقط ولا الشعارات المرفوعة فقط بل قدرة الثوار على إحداث التغيير المنشود حسب ثقافة ورؤية الشعب المعني بالأمر .كل الثورات السياسية /الاجتماعية استمدت أهميتها من قدرتها على التغيير الواسع في كل بنيات المجتمع ،ففرنسا بعد الثورة ليست فرنسا قبلها،وروسيا بعد الثورة ليست روسيا قبلها وفيتنام بعد الثورة ليست فيتنام قبلها ومصر بعد الثورة لن تكون مصر قبلها وكذا تونس الخ.
وفي حالة الثورة اليمنية يمكن تحديد الأهداف من الشعارات التي رفعتها الجماهير والتي بدأت بالغضب من إهدار كرامة وحرية الوطن والمواطن فالتحركات الشعبية تطالب بالديمقراطية وتجري في مواجهة أنظمة تقول بالديمقراطية وتزعم بأنها تستمد شرعيتها من صناديق الانتخابات .
ومع خروج رأس النظام فأن الأمور لن تعود إلى سابق عهدها، ولكن الوقت مازال مبكرا لمعرفة إلى أي حد ستنجح الثورة في تحقيق أهدافها، والتي يمكن صياغتها باللغة السياسية الشائعة في إتباع نموذج للتنمية يراعي مصالح الغالبية العظمى من أبناء الشعب، وبناء حكم ديمقراطي حقيقي، أو باختصار، السير في اتجاه يضمن للشعب المزيد من المشاركة في الثروة وفي السلطة، أي المساواة.
التنبؤ بمدى نجاح الثورة في تحقيق أهدافها بالغ الصعوبة وتحكمه مجموعة من العوامل المتشابكة محلية وإقليمية ودولية. غادر على عبد الله صالح اليمن ولكن أبنائه و أركان نظامه مازالوا موجودين ومسيطرين على أغلبية الجيش ومقدرات البلاد، ومع سماع صوت الزغاريد والتهليل من جنبات ساحات التغير بظهور صالح فهل نستطيع القول بان أهداف الثورة انُجزات وحققت معظم أهدافها إن لم تكن جمعها ، أم أن الثورة أصبحت تحتاج لفسحة من الزمن للمساومات وإبرام الصفقات مع بقايا النظام الحاكم ، إقليميا ودوليا يستعد الجميع لدعم كل محاولات بقايا النظام لاستمرار منهج الحكم نفسه بأقل الخسائر, وبظهور رأس النظام الذي أعاد الحياة لانصارة الذين خرج بالأعيرة واللعاب النارية كنوع من الانتصار وهذه السُنة قد سنها لهم إخوة لنا يوم خروج صالح ((فمن سن سُنه حسنه فله أجرها واجر من عمل بها إلى يوم القيامة )),
نقول لمن ارتئوا الحل السياسي ماذا تنتظرون بعد ؟
لقد تاهت عقارب الساعة من كثر الانتظار , وما أظن الحماسة الثورية قد خبوت فيكم لدرجة قبول حكومة شراكة , إن كنتم قد هرمت الروح الثورية فيكم فدعوها فالثورة ماضيه بكم او بدونكم
ما جرى فاق كل التوقعات ولا نعتقد أن أحدا يزعم بأنه كان يتوقع صيرورة الأمور إلى ما صارت إليه.ولأن الأمور سارت بهذه الوتيرة فإن غالبية التحليلات والتعليقات أتسمت بالانفعالية والعاطفة أكثر مما هي ناتجة عن دراسات معمقة ،وعليه فإنه من التسرع الحكم بان الخيار السياسي قائم إلا لمن يرى الوضع من باطن الأرض و المؤكد أنه من الممكن الاستعداد للحسم ، والسبيل الوحيد لذلك هو العمل الثوري وانتزاع المكاسب الواحد بعد الآخر، بعيدا عن ثنائية العمل السياسي أم العمل الثوري. وإعادة الاصطفاف و الانخراط فيه
وأخيرا......
نجاح الثورة لا يمكن التنبؤ به، وغير قابل للمعادلات الحسابية، إنما هي شرارة حسم