الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٦ صباحاً

الثورة اليمنية بين خيارين

علي السيد
السبت ، ٠٧ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
خرج الشعب اليمني إلى ساحات الحرية والانتفاضة شأنه شأن بقية الشعوب العربية والإسلامية التي خرجت ضد الظلم هتفتا "الشعب يريد إسقاط النظام" .. فالشعب اليمني خرج لكي يعبر عن سخطه المتزايد ضد النظام الذي ظل ولازال يمارس القمع والتسلط والقتل بحق أبناء شعبه وجلدته .. فمنذ أن اعتلى هذا النظام سدة الحكم لم يرى اليمنيون السعادة والحياة الكريمة بل مارس بحقهم الظلم والتجبر والاستهتار ونهب الثروات وخيرات البلاد والعباد .. وانتهج سياسية فرق تسد حيث أشعل فتيل الحروب القبلية والمذهبية والحزبية فكان يغذي كل الأطراف المتصارعة ليخلوا له الجو وينهب الخيرات والثروات دون رقيب أو محاسب ..

كما أن النظام في اليمن ارتكب أبشع المجازر عبر حروب بارزة كحرب 94م وسميت بحرب الانفصال .. وكذلك حروب صعدة الست حيث قام هذا النظام بحشد الجيوش والعلماء والموعظين ليتخندقوا معه في تلك الحروب المشئومة والغير المبررة ..حيث قتل على أثرها ألاف اليمنيين من نساء وأطفال وشيوخ وغيرهم من المواطنين العزل وفي نفس الوقت فتح النظام اليمني الباب أمام التدخلات الأجنبية وجعل اليمن في مهب الريح ..

وفي نفس الوقت سمح النظام للأمريكان أن يملا بحارنا وجزرنا بالفرقاطات العسكرية وحاملات الطائرات والجنود المدججين بالسلاح .. وكذلك نرى تحركات السفير الأمريكي وهو يجول ويصول البلاد طولا وعرضا لا احد يمنعه ويتمتع بصلاحيات كبيرة جدا ويتدخل في شؤوننا اليمنية في كل صغيرة وكبيرة فلا احد يعارضه .. بل يسعى الكل في الارتماء إلى أحضان الأمريكان ومن يكسب الرهان ورضاء اليهود والنصارى سواء أحزاب سياسية أو سلطة ونظام أو قيادات عسكرية وقبلية ..

ندرك جميعا أن الثورة الشعبية التي انطلقت شرارتها في بداية 2011م كانت كفيلة بإسقاط هذا النظام الظالم والعميل .. لكن الثورة واجهت عوائق كثيرة ومؤامرات حيكت ضدها لكبح جماحها وإرغام اليمنيين بالحلول التي تأتينا من قبل أمريكا ودول الاستكبار العالمي لكن الشعب اليمني أصر على التغيير الجذري للنظام لا الجزئي .. ومن ثم سد الباب أمام الخارج لكي لا يطمع في الثورة الشعبية المباركة فكان إصرار اليمنيون يقض مضاجع الأمريكان ما جعلها تنسج المؤامرات التي تستهدف الثورة وتغير مسارها الصحيح فأوحوا بعد ذلك لأركان النظام أن ينفصل ويعلن تأييده للثورة الشعبية وكذلك قيادات عسكرية وقبلية وحزبية سياسية يعلنون أيضا تأييدهم للثورة ..
ومن هنا بدأت المؤامرات مرورا بقطع المواد البترولية وكذلك كانوا يراهنون على الوقت وأطالت عمر الثورة لكي ييئس الشعب اليمني ويتراجع مما خرج له ويطالب به.. وكذلك تحويل مسار الثورة الشعبية السلمية إلى صراع مسلح واقتتال بين شقي النظام "صراع إرادات" .. هنا الصمت الدولي كان سيد الموقف طيلة 10 أشهر من سفك للدماء وارتكاب للمجازر بحق اليمنيين ولا احد يتحدث ولا يستنكر .. عند إذن تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بمبادرة سلمها سفيرهم في اليمني يهودي الأصل إلى السفير السعودي لكي يلبسوها رداء خليجي ليصبغوها بصبغة خليجية .. ومن ثم يضغطوا على شقي النظام لكي يقبلوا بالمبادرة ومن ثم وقعت المبادرة دون تسويف وشكلت حكومة الوفاق الوطني ورتب البيت اليمني من جديد ..

هنا الشعب اليمني بين خيارين إما أن يقبل بالمبادرة الخليجية والتي تنص على محاصصة الحقب الوزارية بين شقي النظام فالشعب اليمني لا يراء في المبادرة أنها تلبى مطالبه وطموحاته التي خرج من اجلها وقدم المئات من الشهداء والآلاف من الجرحى لكي يقول كفى ظلما كفى عمالة ارحلوا أيها الظالمون .. وكذلك يطالب بمحاكمة المجرمين والقتلة ومصاصين الدماء وتجار الحروب من قتل اليمنيين طيلة 33عاما فلن يفلتوا من الحساب ولابد من أن يلقوا جزائهم .. لكن المبادرة أعطتهم الحصانة ووافق عليها شقي النظام لأنهم جميعا متورطون في قتل اليمنيين مدى حكمهم للبلد .. وفي نفس الوقت انعقد مجلس النواب بعد أن وقعت المبادرة واقروا الحصانة للرئيس علي صالح ومن عمل معه طيلة حكمة سواء كانوا عسكريين أو سياسيين أو مدنيين ..
فهل الشعب اليمني يرضى بذلك وأين ستذهب كل تلك التضحيات والمطالبة بالحرية من هذا النظام الظالم والعميل فهو لم يتغير بل رتب النظام من جديد ؟؟

أما الخيار الثاني فهو الاستمرار في الثورة الشعبية حتى تتحقق كل مطالب الشعب اليمني المحقة والعادلة في التغيير الجذري للنظام المفسد والعميل .. وكذلك المطالبة بالقصاص من المجرمين والقتلة وتقديمهم للمحاكمة .. ومن ثم يبني الشعب اليمني دولته المدنية التي لطالما حلم بها وضحى لأجل تحقيقها .. وكذلك قطع كل السبل أمام الاستعمار والدول الأجنبية التي لا تريد لنا الخير بل يسعون ويلهثون وراء مصالحهم فأينما تقتضي المصلحة يسعون لها .. فلا يبالون بالدماء أو المجازر التي تسقط حتى لو راح الشعب بأكمله ..
فهذا الخيار التصعيدي والاستمرار في الثورة إلى أن تتحقق كل مطالب الشعب هو الخيار الأفضل الذي لا يستطيع المجرمين والقتلة أن يتستروا بأي قناع حتى لو أعلنوا تأييدهم للثورة فهم بلا شك لا بد من أن تقدم ملفاتهم الإجرامية والدموية ويتحاكموا محاكمة عادلة ..

وبالتالي لابد أن نقف جميعا كالبنيان المرصوص ولا ننخدع بالترهات التي تطلقها أمريكا وجارة السوء السعودية وان نغلق الأبواب أمامهم .. وكذلك نسير مسيرات ضد السفير الأمريكي يهودي الأصل تندد بكل تصريحاته وتدخلاته السافرة بحقنا كيمنيين ونستمر في ثورتنا حتى تنتصر بإذن الله وما النصر إلا من عند الله ..