الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢٧ صباحاً

حكومة الوفاق والمهمه الصعبه

خالد محمد الكحلاني
الأحد ، ١١ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٨:١٩ مساءً
تناولنا في مقالة سابقه سيناريوهات الحل للأزمه اليمنيه والتي تمثلت في سيناريو التصعيد والحرب الأهليه وهو الأسواء او سيناريو فرض الحل من الخارج والوصول الى حل توافقي يرضي الأطراف المتصارعه على السلطه و يرضي اللاعب الأقليمي والدولي وهو الأفضل لهولاء جميعا ولكنه ليس الأفضل او الأمثل للشعب اليمني وان كان يجنب اليمن السيناريو الأسواء وهو الحرب الأهليه والصومله والسيناريو الثالث وهو الأمثل والأفضل للشعب اليمني وهو انتصار ثورة الشعب السلميه انتصارا كاملا واسقاط النظام غرارا بما حدث في تونس ومصر وقلنا ان هذا السيناريو يبدو بعيدا بالنظر الى التعقيدات التي وصلتها الأزمه اليمنيه وعدم وجود قياده مستقله وموحده للشباب اضافة الى دخول عناصر عسكريه وقبليه منشقه عن النظام وركوبها موجة الثوره وتسخيرها لصالحها وعدم التفاف الشعب وخاصة الفئه الصامته ودعمها لثورة الشباب كل ذلك جعل من امكانية تكرار تجربتي تونس ومصر يبدوا بعيدا وان ليس مستحيلا.
والأن و بعد توقيع المبادره الخليجيه وتشكيل حكومة الوفاق الوطني ومباشرتها لبدء اعمالها بات من الواضح ان السيناريو الثاني هو الذي فرض نفسه في النهايه وهو سيناريو يراعي بالدرجه الأولى المصالح الأقليميه والدوليه ومصالح الفرقاء السياسيين في اليمن ويضع في اخر اولوياته واهتماماته الشعب اليمني وطموحاته وتطلعه الى بناء اليمن الحديث يمن المواطنه المتساويه يمن المؤسسات يمن الديمقراطيه الحقيقيه والتدوال السلمي للسلطه
وبالرغم من ان هذا الحل قد خيب امال الكثيرين من الشرفاء والمخلصين سواء من الثوار او من الفئه الصامته والشعب الصابر الذي كان يتطلع لتحقيق العداله ومحاكمة الفاسدين والظلمه الذين جثموا على صدر هذا الشعب طيلة عقود وانبرى الكثير لرفض ومعارضة هذا الحل وتحميل المسؤليه للمعارضه ولدول الخليج الا انه ربما يجب علينا جميعا التسليم بانه لم يكن في الأمكان افضل مما كان خاصه بعد ان طالت الأزمه اليمنيه واستحكمت حلقاتها واصبح المواطن البسيط والوطن المظلوم هما المتضرر الوحيد من هذه الأزمه بصورة جعلت التوصل الى اي حل مقبولا لدى الغالبيه لتجنب المزيد والمزيد من سفك الدماء وانتهاك الأعراض وقطع الطرقات ولقد طالبت في مقالة سابقه ايضا " ماذا بعد التوقيع" ان ندعم المبادره الخليجيه برغم كل عيوبها كمخرج لليمن من ازمته وان ننسى جراح الماضي وننظر الى المستقبل نظرة تفاؤل مع محاولة توظيف المبادره في الضغط على القياده الجديده للبلد ان تعبر باليمن الى بر الأمان .
ومن المؤكد ان الجميع يشعربان اليمن لم يخرج بعد من عنق الزجاجه بالرغم من كل الخطوات التي تم انجازها تنفيذا للمبادره الخليجيه طالما بقي الأنقسام في المؤسسه العسكريه وبقيت المظاهر المسلحه في المدن تهدد بنسف الأتفاق في اي لحظه وطالما بقيت المهاترات السياسيه والحملات الأعلاميه هنا وهناك وهنا يكمن الدور الهام الذي يجب ان يضطلع به الأخ نائب رئيس الجمهوريه- القائم باعمال الرئيس وكذا حكومة الوفاق الوطني واللجنه العسكريه فكل هولاء يجب ان يعتبروا أنفسهم في مهمه تاريخيه مصيريه لأنقاذ اليمن ارضا وانسانا من الأخطار التي تحدق به وهي بالطبع مهمه صعبه جدا وان كانت غير مستحيله اذا توفرت الأراده الصادقه لدى الأخ نائب الرئيس اولا ثم الأخ رئيس الحكومه واعضاء الحكومه ثانيا وكم شعرت بالسعاده والتفاؤل عند سماع خطاب الأخ نائب الرئيس عند ترؤسه لأول اجتماع للحكومه الجديده فلقد كان خطابا قويا ومتوازنا وضع النقاط على الحروف ويعتبر بحق خارطة طريق للمرحله القادمه اذا تمت ترجمته فعليا الى واقع على الأرض ولقد ازال الخطاب نظريا على الأقل ما ترسخ في اذهان الكثيرين عن شخصية الأخ النائب التي تكونت عنه بعد سماع خطابه امام اللجنه الدائمه للمؤتمر الشعبي العام مؤخرا وفي حضور الرئيس حيث ظهر فيه ضعيفا غير واثق من نفسه ومتمسكا بجلباب الرئيس وكانه لايريد ان يخرج منه وبصرف النظر عن التفسيرات والتأويلات المختلفه حول مغزى خطابه ذاك والذي اعتقد من وجهة نظري انه لم يكن موفقا فيه الا ان خطابه الأخير اظهر رجلا قويا لديه رؤيه ورغبه صادقه في انقاذ اليمن والعبور بها الى بر الأمان وهذا ما يامله منه جميع ابناء الشعب اليمني ان يكون رئيسا لكل اليمنيين بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم فلا يهمنا سيادة النائب (الرئيس مستقبلا) كمواطنين وشعب ان يكون رئيسنا شماليا او جنوبيا صنعانيا او عدنيا او حضرميا اشتراكيا او مؤتمريا اصلاحيا او ناصريا ولكن يهمنا ان يكون رئيسا وطنيا عادلا ينظر لجميع ابناء الشعب بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم ومناطقهم بعين واحده ومنظار واحد وان يكون القانون هو المرجع والحكم حسبما ذكرتم في خطابكم دون الألتفات الى اي معايير وحسابات اخرى.
وكلمه اخيره الى ألأخ رئيس حكومه الوفاق واعضاءها الموقرين: الشعب يعلق عليكم امالا كثيره وينتظر منكم الكثير والكثير وتعلمون جيدا بالجدل الكبير الذي لايزال دائرا في اوساط الشعب حولكم ومدى سلامة اختيار البعض منكم ولن ينتهي هذا الجدل والخلاف الا اذا بدأ الشعب يلمس نتائج اعمالكم على الأرض تنعكس على واقعه ومستوى معيشته وامنه ولن يتم لكم ذلك الا اذا خلعتم عنكم رداء الحزبيه ولبستم ثوب الوطنيه وانتصرتم على اطماعكم واهوائكم الشخصيه والحزبيه وان تعملوا كما قال الأخ رئيس الحكومه في كلمته كفريق واحد يمثل آمال وتطلعات الشعب اليمني لاكفريقين يمثل كل فريق احزابه وتحالفاته الضيقه فالمرحله حرجه وحساسه ولن تتحمل المزيد من الأخطاء والسياسات الفاسده التي سئم منها الشعب واعلموا انكم تحت مجهر الشعب فان ارتقيتم باعمالكم الى مستوى المسؤليه الملقاة على عاتقكم فالشعب مستعد ان يغفر لكم اي اخطاء ومواقف سلبيه سابقه اما ان ضللتم مرتهنين للحسابات والمصالح الحزبيه والمكايدات السياسيه فالشعب لن يغفر لكم ولن يرحمكم وحسابه سوف يكون عسيرا لكم .اصلحوا نواياكم واصدقوا في اعمالكم و سيروا على بركة الله والله يوفقكم الى مافيه مصلحة وخير هذا الشعب والله من وراء القصد.