الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٨ مساءً

الحل السياسي باليمن.. السهل الممتنع!!

عبد الملك شمسان
الأحد ، ٠٩ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ١٢:١٥ مساءً
لم يعد لدى صالح والحوثي أبسط قدر من الأمل بالصمود في المحافظات التي تشهد مواجهات عسكرية، فضلا عن أن يكون لديهم أمل بالتقدم وتحقيق أي نصر، فقط يستميتون هناك لهدف معين، ولوقت محدود ومحدد، ومن سوء حظهم أنهم ليسوا من يحدد هذا الوقت، بل تحدده ظروف الجبهة السياسية التي يستميتون فيها بحثا عن "حل سياسي" ينطبق عليه الوصف بـ"السهل الممتنع"، وهذا في حال جاء أصلاً وفق حساباتهم.

سهلٌ لأن جميع الأطراف توافق عليه، بل وكل طرف يشيد به ويعتبره خياره الأول والمسار الأفضل ويقول إنه لم يتجاوزه إلا مجبرا بسبب الطرف الآخر، ويفترض -بناء على هذا- أنه قريب متاح وفي متناول اليد.

وممتنع –في ذات الوقت- لأن كل طرف لديه في هذا الحل السياسي مطالب مختلفة عن مطالب الطرف الآخر.

الرئاسة اليمنية والحكومة والمقاومة الشعبية وقيادة التحالف، ينظرون إلى أن الحل السياسي هو تنفيذ صالح والحوثي للقرار الأممي رقم (2216) ولا شيء غير ذلك إلا أن تكون تفاصيل في هذا الاتجاه، وصالح والحوثي ينظرون للحل السياسي من جانبهم باعتباره ذلك الحل الذي يبذلون دونه الجهود ليأتي متزامنا مع خروجهم من المحافظات التي تشهد مواجهات، فيوقف عليهم الحرب ويعترف لهم بالسلطة على صنعاء وبقية المحافظات التي يسيطرون عليها بالقوة، والدخول –بالتالي- في حوار يدمج سلطة هذا الثنائي الجغرافي، وبما يمنحهم ذات النتيجة التي حصل عليها صالح من المبادرة الخليجية في 2011م، ابتداء بالحصانة، وانتهاء بالاعتراف لهم بنصف السلطة أو أكثر من ذلك أو أقل حسب مجريات الحوار، إضافة إلى القدر الذي يسيطران عليه –بشكل مباشر أو غير مباشر- في حصة الطرف الآخر على نحو ما حصل في 2011م.

ولهذا يستميتون في ميادين القتال بالتوازي مع الاستماتة في ميادين السياسة بحثا عن هذا الحل السياسي الذي يأملون أن يأتي في أسوأ الأحوال متزامنا مع خروجهم من تلك المناطق وتنتهي به الحرب عليهم، ويضمنون به الحصانة وقدرا من الاستمرار والبقاء.

في هذا المرور العابر والمجمل على القضية، لابد من استحضار موقف الأمم المتحدة التي تمد عمليات التحالف العسكرية بالشرعية الدولية رديفا ومؤيدا للشرعية اليمنية. ويكفي للإحاطة بالمهم من هذا الموقف الأممي أن نقف على هذه الفقرة من الحوار الذي أجرته بالأمس صحيفة "البيان" مع المبعوث إسماعيل ولد الشيخ:
يسأله الصحفي: "خلال إفادتكم بمجلس الأمن 12 أغسطس، هل ستطلبون استصدار قرار جديد"؟ سؤال ذكي وفي غاية الأهمية أراد به الصحفي أن يحسم للرأي العام ذلك الجدل بشأن اعتزام الأمم المتحدة إصدار قرار جديد يخلط الأوراق التي رتبها القرار رقم (2216) أو ربما ينسخ هذا القرار الذي تستند عمليات التحالف إلى شرعيته الدولية، فتترجح بذلك كفة صالح في هذا الحل السياسي.

ويجيب المبعوث الأممي بقوله: "حتى الآن لا يوجد أي حديث عن قرار جديد من مجلس الأمن ونحن حتى الآن متمسكون بالقرار 2216 ونرى أن هناك تقدما وسنصل إليه وعندما نصل إلى اتفاق سياسي وإلى تلك المرحلة من الممكن أن يقرر، وهذا شيء يرجع لمجلس الأمن، لكن ليس هناك في القريب أي حديث عن قرار جديد".

على هذا: ليس واضحا ما هو الأساس الذي يبني عليه صالح والحوثي تلك النتيجة في أذهانهم، أي انتهاء الحرب وتوقفها عند حدود تلك المحافظات وأنها لن تتجاوزها إلى المنطقة التي قاموا بتسويرها في مخيلاتهم!؟ ولا ماذا يملكون من الأوراق التي يعولون عليها ويمكن من خلالها أن يفرضوا هذه النتيجة، سوى أن هناك حديثا عن موقف أمريكي يقال فيه إن الولايات المتحدة حريصة على استمرار الحوثيين كقوة سياسية وعسكرية وحاضرة في السلطة، وأنها تمارس من أجل ذلك أشكالا من الضغوطات على المملكة العربية السعودية التي تهدف من جانبها إلى تحرير صنعاء العاصمة وبقية محافظات الشمال، وترى أن التفريط أو التنازل عن أي قدر من هذه النتيجة سيجلب لها المتاعب مستقبلا وسيكون له عواقبه الوخيمة في ظل انعدام خياراتها للتعامل مع ذاك الواقع المستقبلي، إذ يستحيل أن تتأتى لها مجددا فرصة كهذه الفرصة التي تملكها اليوم.

بل ربما أن في موقف الأمم المتحدة الذي أتى صريحا في حوار المبعوث الأممي ما قد يشير إلى حقيقة الموقف الأمريكي، وأن موقف الطرفين متطابقان، وحتى إذا كان للولايات المتحدة مسار آخر يميل نحو صالح والحوثيين فإنه يظل مسارا جانبيا لا يرقى لأن يكون مصدرا لثقة صالح والحوثيين به أو الركون إليه.