الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥٩ صباحاً
الجمعة ، ١٦ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
• يمن بلا ثورة نتيجة حتمية عن كل الإرهاصات التي حدثت سواءً بسبب تعنت هذا الطرف، وصلف الطرف الآخر، ولم يكن احد يحسب لهذا اليوم حساب، الجميع رمى ما في جعبته، بالنعوت تارة والوساطات تارة أخرى، ولم يكن ينتظر أن يكون حبيس هذه اللحظة.

• الثورة التي قدم الشهداء أرواحهم الغالية رخيصة من اجل قيامها.. الثورة التي الّفت جميع اليمنيين وجمعت كلمتهم نحو التغيير للأفضل بعد سنوات طوال كان الثالوث المخيف –الجوع، الجهل، المرض- يخيم ليس على كل مدينة، بل وكل بيت في كل قرية.

• الثورة التي جعلت اليمني يشعر بقيمته، ومدى ابتعاده قبلها عن العالم، ودنوه منه بعد تحقيقها، ولهذا كان حري بنا كيمنيين تخليدها، وجاء التخليد الكبير في إنشاء صحيفة الثورة عام 1962م متزامنة مع أفراح اليمنيين فيما كان يسمى بالشطر الشمالي، ومع استعدادهم في الشطر الجنوبي لتحقيق ثورة الرابع عشر من أكتوبر.

• ومع تنفس اليمنيين نسمات التغيير الذي أحدثته ثورة سبتمبر، كانت الصحيفة هي متنفسهم الثقافي، وعاماً بعد عام أخذت مساحة واسعة لكثرة المتعلمين مقارنة بما قبل 1962م، ولملامستها قضاياهم وهمومهم، وعلى مدار ما يقارب الخمسة عقود لم تتوقف عجلة الصحيفة عن الدوران، ولم تصب بما لحق بها الآن.

• يمن بلا ثورة صارت حقيقة ماثلة أمام أعين ومسامع المسئولين الذين لم يحركوا ساكناً، أمام حدث ليس عادي بالمرة، فاليمنيون تعودوا خاصة بالعاصمة على قراءة الأحداث عبر صفحاتها فجر كل يوم وإذا بهم، صبيحة 14 من مارس 2012م، وما بعده لا يجدون أثرها في محلات البيع المعتادة، ولا يسمعون صيحات الباعة المتجولين بها.

• وان كان الاختلال الأوّلي لاختفاء الثورة جاء عبر ما يسمى بأزمة (الأهداف والإضاءة) التي حذفتا من على صدر صفحتها الأولى للمرة الأولى، في سابقة لم يكن يتوقعها احد، لا سيما الأهداف التي تعبر عن مرتكزات الثورة اليمنية الأم، أما فيما يخص الإضاءة التي كانت مخصصة للأخ قائد الوحدة علي عبد الله صالح -الرئيس السابق- فقد كان هناك استعجال على إزالتها، لأنها كانت سترفع بحكم نتيجة الانتخابات التي كانت لا تفصلنا عنها في تلك الفترة سوى أيام قلائل.

• الرغبة في اقتلاع ما يمت إلى الرئيس السابق بصلة، قادت إلى اقتلاع الثورة -كصحيفة- تماماً، وان كان المقصود منها اقتلاع الثورة -كثورة- واستبدالها بنتائج ما بعد الأزمة - التغيير- ولم يُصلح الاعتذار ما أفسدته الخطوة غير الموفقة، وان ظهر أمر الحشود التي طوقت مبنى الصحيفة طبيعياً، ولكن استمرارها بعد عودة الأهداف والإضاءة لم يكن له ما يبرره.

• إن التضاد الحاصل خارج المؤسسة يمكن تفهمه، إلا أن الصراع الذي حدث داخلها لا يمكن تصوره لزملاء ظلوا عقوداً متآخين متحابين يسهرون الليالي ليقرأ غيرهم في الصباح ما تعبوا بإنتاجه ليلاً، وكان جميع اليمنيين يصبحون يومياً على ثورة، وإذا بهم اليوم يصبحون بلا ثورة.

• يمن بلا ثورة طالما أننا نعامل بعضنا بعضا كصحفيين وإعلاميين من منظر سخيف يسمى (البلطجة) هذه الكلمة الخبيثة التي تقال لانتزاع حرية الآخر في التعبير عما يريد إيصاله بالكلمة، صارت كلمة البلطجة رصاصة قاتلة يرمى بها من يريد الدفاع عن مكتسبات ظل السابقون يجاهدون من اجلها.

• حن نريد أن نصبح مجدداً على ثورة، تأخذ بالمتغيرات التي طرأت على الساحة الوطنية، من حيث المضمون لا من حيث الشكل، ثورة تقدس كل الآراء، ولا يصبح التغيير فيها مقتصراً على إلغاء وإقصاء من كان يكتب فيها سابقا.

• شاذا كان البعض يعيب على الثورة من قبل أنها كانت بحسب نظره تفرد مساحة لوجهة نظر واحدة وهذا من حقه، فإن العيب الأكبر ألا يُحدث التغيير تغييراً في تلك الصورة، فانعكاس الأمر من النقيض إلى النقيض ليس تغييراً حميداً، بقدر ما يعده الآخر انتقاما منه.

• ونحن نتحدث عن الثورة كمؤسسة وطنية رائدة، يعمل بها الشرفاء من الذين لم يتقاضوا مرتباتهم منذ اشهر، وهذا هو النضال الذي تلغي فيه ذاتك من اجل وطنك والذين يعيشون فيه، فلكل العاملين فيها التقدير والعرفان على ما بذلوه خصوصاً في الشهرين الأخيرين.

• من حق الثورة كمؤسسة - تتبعها صحف عدة، وتطبع فيها الكثير من الصحف- أن يُعاد إليها هيبتها لتعود كما كنت أم الصحف اليمنية، ولن يكون ذلك إلا بتدخل الدولة التي دفنت رأسها في الرمل وهي تتغاضى عن الصراعات الحاصلة فيها، وللأسف أن هناك من يغذيها لغرض في نفس يعقوب.

• وحتى نصبح على ثورة من جديد كما كنا طيلة الخمسين العام الماضية، نرجو أن تعود روح الألفة والمحبة إلى نفوس زملائنا في هذه المؤسسة العريقة، التي ستظل مرتبطة بالثورة الأم التي لا يمكن إلغائها أو اجتثاثها، ولهذا فإن إلغاء الثورة كصحيفة مرفوض تماماً.
شهداء جمعة الكرامة..

• عام كامل مر على المذبحة التي تعرض لها الشباب وقد كتبت مقالاً يومها بعنوان: بأي ذنب قتلوا، والذين تم التغرير بهم لبلوغ مآرب سياسية، فيما لم يكن للشباب من غرض سوى التغيير للأفضل، ولو قدر لهم العودة إلى الدنيا لشاهدوا بأم أعينهم كيف استفاد البعض من دمائهم الزكية الطاهرة، فيما لم يتحصل الشباب على شيء سوى من كان منخرطاً في احد الأحزاب الموقعة على المبادرة الخليجية، ولكن أهلهم من يرون ذلك اليوم.

• نسال الله أن يتغمدهم بواسع رحمته وان ينتقم من الذين جعلوهم وقوداً لمعركتهم، وان يرينا في قاتليهم شر انتقام، مع ملاحقتهم قضائياً لينالوا جزائهم العادل، ونحن نتذكر هؤلاء الشهداء علينا أن لا نسلم أولادنا فريسة في أيدي من يستغلونهم لأغراض حزبية باسم الدين.